أقامت جمعيات استيطانية اسرائيلية متحفاً توراتيا من ثلاثة طوابق بمساحة 1390 متر مربع في منطقة العين الفوقا بسلوان، التي لا تبعد سوى عشرات الامتار عن المسجد الاقصى من الناحية الجنوبية الغربية.
وقال الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب لـ “القدس” ان هذا “المتحف يهدف الترويج للتاريخ اليهودي، ويخدم الرواية التلمودية على حساب الروايات التاريخية العربية الاسلامية والمسيحية والتاريخ الحقيقي لهذه المنطقة”، موضحا ان المتحف شُيد في منطقة تمنع بلدية القدس وسلطة الآثار الاسرائيلية البناء فيها بدعوى انها منطقة تاريخية تحوي آثار من حقب مختلفة لمدينة القدس، ولكنها ورغم ذلك لم تمنع الجمعيات الاستيطانية من اقامة هذا البناء”.
واشار أبو دياب الى ان “المتحف سيُستخدم لترويج ولتسويق تاريخ مزور عن هذه المنطقة، ليخدم السياحة التلمودية الداخلية والخارجية لغسل أدمغة الزوار ولإثبات أحقيتهم التاريخية في القدس”، موضحا ان سلطات الاحتلال الإسرائيلية وأذرعها التهويدية “أقدمت على نقل كمية كبيرة من الحجارة الضخمة والتاريخية من هذه المنطقة، لطمس معالمها ولتغييرها كي تحاكي اسطورة ورواية تناسب روايات تاريخية يهودية”.
واضاف ان هذا المتحف التلمودي تقوم عليه سلطات الاحتلال الاسرائيلية ضمن مخطط كبير لتغيير الطابع التاريخي لمدينة القدس، وهو “عبث بالاثار ذات الطابع التاريخي الانساني لاثبات حضارة مصطنعة، يدعون انها كانت قبل ثلاث الاف عام، دون سند تاريخي او علمي”، مشيرا الى ان السلطات الاسرائيلية تحاول اسقاط رواياتها على التاريخ والاثار لاغراض سياسية حيث “تقوم بمعالجة الحجارة والاثار لتحاكي تاريخ مزور يريده الاحتلال، للايحاء بانها يهودية الاصل ومن حقبة وزمن الهيكل، للدلالة على وجود الهيكل المزعوم ولغرس هذه الافكار في عقول الزوار، وللترويج بان هذه الحجارة مأخوذة من الهيكل او بقاياه”.
وشدد أبو دياب انه “هذا العبث بالتاريخ والحضارة الانسانية وتزوير المواقع ذات الطابع وتحطيم الارث الحضاري، تترتب عليه مسؤولية جنائية، ويندرج تحت جرائم الحرب ضد الانسانية والتاريخ” مشيرا الى ان “هذه الاثار التاريخية محمية وفقا للاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية جينيف لعام 1907 حيث اعتبرت اليونيسكو ( منظمة الثقافة والعلوم التابعة لهيئة الامم المتحدة ) ان القدس ارث حضاري وانساني محمي لا يجوز العبث به، ولكن السلطات الإسرائيلية كثفت في العقد الاخير من تهويد المدينة وتغيير معالمها وعبرنتها وفرض وقائع مغايرة لهويتها الحقيقية تحت مشروع تهويدي ضخم يسمى ( اورشليم حسب الوصف التوراتي ) حفرت من خلاله عشرات الانفاق والحفريات، منها 6 انفاق من مجمع عين سلوان التاريخي ووادي حلوة باتجاه البلدة القديمة والمسجد الاقصى، واقامت ثلاثة متاحف توراتية لترويج الروايات التاريخية اليهودية، كما واقامت عدة حدائق ومسارات توراتية وتلمودية وقبور وهمية، وتعمل على اقامة مشاريع تهويدية اخرى، منها القطار الهوائي الذي سيغير الوجه الحضاري للبلدة القديمة ويحجب الرؤيا عن المسجد الاقصى المبارك ومشروع /كيدم/ في منطقة وادي حلوة وباب المغاربة لتغيير المشهد التاريخي وطمس معالم المدينة العربية الاسلامية والمسيحية ولإلغاء كل أثر او تاريخ او معلم غير يهودي فيها”.
يذكر انه خلال هذا العام زار الانفاق والحفريات وما يسمى بمدينة داود الاستيطانية حوالي مليون زائر كان يسطحبهم أدلاء سياحيون يتبعون الجمعيات الاستيطانية، ويقدمون خلال هذه الجولات روايات تلمودية وأساطير عن تاريخ يهودي مزعوم في هذه المنطقة.