Home / ملف الاستيطان والجدار / الاستيطان.. حقائق “مرعبة” وأرقام “صادمة”

الاستيطان.. حقائق “مرعبة” وأرقام “صادمة”

وفا- إيهاب الريماوي

شكل الاستيطان، منذ نشأته الأولى، الأداة الرئيسية للحركة الصهيونية في فرض سيطرتها السياسية بالتدريج على فلسطين منذ أواخر القرن التاسع عشر، وكانت حدود الاستيطان إضافة للقوة المسلحة تقرر إلى حدٍ كبير الحدود السياسية المقترحة لإسرائيل الاستعمارية.

على هذا النحو، ظل الاستيطان هو العامل الأكثر تأثيرا على واقع الحياة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة.. إسقاطاته على حياة المواطنين وممتلكاتهم وحقوقهم الشرعية والإنسانية هدّامة ومروعة وصادمة وتفوق بكثير مئات آلاف الدونمات التي سُلبت من أجله، الى جانب أنه يشكّل انتهاكًا لأحكام القانون الإنساني الدولي التي تحظر على دولة الاحتلال نقل مواطنين من مناطقها إلى المنطقة المحتلّة وإجراء تغييرات ذات طابع دائم فيها.

الإحصاء“: 151 مستوطنة يقطنها نحو 671 ألف مستوطن مع نهاية عام 2018

وتشير بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، إلى أن عدد المستوطنات في الضفة الغربية بلغ 151 مستوطنة يقطنها نحو 671 ألف مستوطن مع نهاية عام 2018، منها 26 مستوطنة في القدس، فيما يبلغ عدد المستوطنات في محافظة رام الله والبيرة 26 مستوطنة.

وتأتي محافظة الخليل في المرتبة الثالثة من حيث تواجد المستوطنات فيها، والتي يجثم على أراضيها 18 مستوطنة، وفي محافظة أريحا والأغوار 17 مستوطنة، و13 مستوطنة في سلفيت ومثلها في نابلس، أما في قلقيلية فيبلغ عدد المستوطنات 8 مستوطنات، وطوباس والأغوار الشمالية 7 مستوطنات، و5 مستوطنات في جنين، و3 في طولكرم.

وتلتهم المستوطنات نحو 541 كم2  من مساحة الضفة الغربية البالغة 5660 كم2، وأكثر من 1000 كم2 مغلقة ومخصصة للتدريبات العسكرية.

دائرة شؤون المفاوضاتالاحتلال استولى على أكثر من 51.6 بالمئة من مساحة الضفة الغربية

وحسب دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن سلطات الاحتلال الاسرائيلي استولت على أكثر من 51.6 بالمئة من مساحة الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، على مدار العقود الماضية لصالح الاستيطان، والقواعد العسكرية، وما يسمى بـ”أراضي الدولة“.

وشهدت المرحلة ما بين 1977 – 1984 طفرة في بناء المستوطنات والتوسع في انتشارها الأفقي، بعد صعود حزب الليكود الذي يتزعمه في الوقت الراهن بنيامين نتنياهو، وكان الإطار النظري لهذا التوسع مجموعة من الخطط، أبرزها أولاً: خطة شارون التي تتضمن إقامة تكتل استيطاني في الضفة الغربية يقطعها طولياً ( من الشمال إلى الجنوب) تمتد منه قطاعات عريضة واسعة، وثانيا: خطة “خيف متتياهو دروبلس” والتي تهدف إلى جذب 120 ألف مستوطن من خلال بناء 50 مستوطنة في الأماكن الاستراتيجية في فلسطين، وثالثا: خطة “غوش ايمونيم” حيث تتركز المستوطنات حسب الخطة في المناطق التي تحاول الخطط الأخرى تجنبها.

وفي المرحلة ما بين 1985- 1990، وفي هذه الفترة شهدت تراجعا في البناء الاستيطاني من حيث الكم، حيث تركز البناء بصورة انتقائية، وقد يكون التراجع يعود إلى التضارب في الرؤية الاستيطانية بين جناحي الحكم (حزب العمل وحزب الليكود) حيث أن هذا الائتلاف هو الذي كان يحكم في أغلب سنوات هذه الفترة.

انخفضت وتيرة التوسع في بناء مستوطنات بصورة حادة بين أعوام 1991- 2018، ولم تبن في الأعوام 1992، 1993، 1995، 2000-2012 أي مستوطنات جديدة، ويعود ذلك إلى مسيرة السلام وما رافقها من ضغوطات دولية على إسرائيل لتجميد الاستيطان، وعدم وجود استقرار سياسي في إسرائيل خلال تلك المرحلة، إلا أن سلطات الاحتلال قامت بتحويل بؤرة استيطانية تدعى “رحاليم” إلى مستوطنة عام 2013.

ولتعويض ذلك لجأت سلطات الاحتلال الاسرائيلي خلال هذه الفترة إلى تسمين المستوطنات القائمة سواءً من حيث السكان أو من خلال إقامة وإنشاء أحياء جديدة ضمن حدود المستوطنات القائمة، وفي نفس هذه الفترة تصاعدت هجمة الأذرع الاستيطانية من خلال إنشاء البؤر الاستيطانية، حيث بلغ عددها 116 بؤرة استيطانية نهاية عام 2018، إضافة إلى بناء جدار الفصل العنصري منذ عام 2002 والذي أدى إلى ضم 88% من سكان المستوطنات إلى المناطق الواقعة داخل الجدار.

وبالمجمل فقد تطور عدد المستوطنات في الضفة الغربية خلال السنوات 1967 -2018 من مستوطنة واحدة عام 1967، إلى 150 مستوطنة نهاية 2018

الاتحاد الأوروبي:  بناء 5800 وحدة استيطانية جديدة في مراحل مختلفة

ووفق تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي حول الاستيطان خلال النصف الأول من عام 2019، فإنه تم بناء 5800 وحدة استيطانية جديدة في مراحل مختلفة من إجراءات التخطيط والتنفيذ في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، شملت 1153 وحدة استيطانية في المناطق الواقعة في القدس الشرقية، و 4647 وحدة استيطانية في أجزاء أخرى من الضفة الغربية، بما في ذلك المناطق النائية في أعماقها.

ولقد حرمت إسرائيل منذ احتلال الأراضي الفلسطينية عام 1967م الشعب الفلسطيني من حقوقه في المياه، وذلك عن طريق إقامة العديد من المستوطنات فوق أماكن غنية بالمياه، حيث تشير الدراسات إلى أن 85% من المياه المتواجدة في الخزان الجوفي في الضفة الغربية تستغل من قبل إسرائيل، وهذه الكمية تعادل ما بين 475-483 مليون متر مكعب.

“بتسيلم”: تصنيف مئات آلاف الدونمات في الضفة كـ”أراضي دولة”

ويؤكد مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان بالأراضي المحتلة (بتسيلم)، أنه منذ العام 1967 وحتى نهاية 2017 أقيمت في أنحاء الضفة الغربية أكثر من 200 مستوطنة تتوزّع “أنماطها” كما يلي: 131 مستوطنة اعترفت بها وزارة الداخلية الاسرائيلية كبلدات، ونحو 110 مستوطنات أقيمت دون مصادقة رسمية “بؤر استيطانية”، ولكن بدعم ومساعدة وزارات حكومية اسرائيلية، وفي الخليل عدد من الجيوب الاستيطانية داخل المدينة، وفي القدس الشرقية 11 حيًّا أقيم على أراض في الضفة الغربية ضمّتها إسرائيل إلى منطقة نفوذ القدس، وكذلك عدد من الجيوب الاستيطانية في قلب الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية.

هكذا، تظل أجهزة الاستيطان في الضفة الغربية كلّها ذات أهداف مماثلة، ولكن أجهزة النهب في قلب مدينة الخليل وفي القدس الشرقية – حيث سلبت دولة الاحتلال من السكّان بيوتًا ومباني أيضًا – تختلف في تفاصيلها.

ويبلغ عدد المستوطنين الذين يسكنون في المستوطنات المذكورة أعلاه، بحسب تقرير منظمة “بتسيلم”، أكثر من 620 ألف: منهم 413.400 في مستوطنات الضفة باستثناء شرق القدس (وفقًا لمعطيات دائرة الإحصاء المركزية الاسرائيلية/ محدّثة في نهاية عام 2017) ونحو 209.270 في أراضي الضفة الغربية التي ضُمّت إلى مسطح بلدية القدس (وفقًا لمعطيات معهد القدس لأبحاث إسرائيل، محدّثة في نهاية 2016).

وتؤكد “بتسيلم” أن دولة الاحتلال الاسرائيلي و”لكي تزيد من احتياطي الأراضي التي يمكن إعدادها لإقامة مستوطنات عليها بلورت آليّة جديدة لتصنيف مناطق جديدة كـ (أراضي دولة)، ارتكزت إلى إعادة كتابة القواعد القضائية وتبنّي تأويل جديد لقانون الأراضي العثماني (الذي نظّم مسألة مُلكيّة الأرض في الضفة الغربية) مغايرًا تمامًا لما كان متّبعًا حتى ذلك الحين.

واستنادًا إلى تطبيق القواعد الجديدة صنّفت دولة الاحتلال مئات آلاف الدونمات في الضفة كـ”أراضي دولة” وصادرتها من أيدي الفلسطينيين. فبين السنوات 1979 و-2002 طبّقت الدولة ذلك على أكثر من 900 ألف دونم وهي زيادة بنسبة 170% إلى أراضي الدولة التي كانت في الضفة قبل الاحتلال. ويوجد اليوم في مناطق C نحو 1.2 مليون دونم مصنّفة كـ “أراضي دولة”، وتشكّل 36.5 % من مناطق C و-22% من مجمل أراضي الضفة الغربية. إضافة إلى ذلك هناك نحو 200 ألف دونم مصنّفة كـ “أراضي دولة” تقع في مناطق A و-B حيث صلاحيات التنظيم والبناء بأيدي السلطة الفلسطينية.

About nbprs

Check Also

نتنياهو يخطط لإعادة قضية ضم الضفة إلى جدول أعمال حكومته

جدد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو تأكيده ضرورة إعادة قضية ضم الضفة الغربية المحتلة، لجدول …