بقلم: هدار حورش
في الوقت الذي تواصل فيه أسعار الشقق الارتفاع، في الأساس بسبب نقص العرض الكافي في مناطق الطلب، يبدو أن العام 2020 بدأ بتصريحات بائسة لتسويق الأراضي في سوق السكن: ثلثا أراضي الدولة تقريباً، التي سوقت في كانون الثاني من قبل سلطة أراضي إسرائيل في سوق السكن كانت في المستوطنات والبلدات التي تقع خلف الخط الأخضر.
في الأراضي التي سوقت خلف الخط الأخضر توجد إمكانية كامنة لإقامة 2136 وحدة سكنية، من بين الـ 3254 وحدة سكنية تم تسويقها في كانون الثاني. وفي فحص أجرته “ذي ماركر” يتبين أن المناقصة المهمة والوحيدة التي تم نشرها في منطقة طلب كانت لـ 790 وحدة سكنية ضمن خطة “سعر للساكن في بئر يعقوب”.
بالنسبة لمساحة الوحدات السكنية الإجمالية، التي سوقت في كانون الثاني، يتضح أن الأمر يتعلق بمساحة صغيرة جداً مقارنة بمساحة تسويق الأراضي الذي جرى في كانون الثاني 2019. ففي حينه سوقت الدولة أراضي لبناء 4298 وحدة سكنية، أكثر بـ 24 في المئة مقارنة مع كانون الثاني 2020.
معطيات كانون الثاني الماضي بائسة أيضاً مقارنة بكانون الأول 2019، الذي عرضت فيه سلطة أراضي إسرائيل للتسويق أراضي لما لا يقل عن 15040 وحدة. مع ذلك هذا العدد متحيز، بالأساس بسبب ميل السلطة إلى تسريع التسويق قبل نهاية السنة من أجل أن تعرض معطيات تسويق مثيرة للانطباع.
هذا ما يحدث بصورة تقليدية. في كانون الأول يعرضون مناقصات كثيرة للسوق، إعدادها أمر معقد، وأحياناً يتم نشر هذه المناقصات في موقع السلطة من دون كراسات للمناقصات. فقط من أجل احتسابها مع معطيات التسويق في تلك السنة.
عدد آخر يظهر في معظم المناقصات الحديثة لسلطة أراضي إسرائيل هو تسويق الأراضي في إطار خطة “سعر للساكن”. في هيئة الإسكان ينفون أن الخطة الأساسية تفقد الزخم. ولكن عندما يقارنون الأرقام مع أرقام السنة الماضية يظهر أن الانخفاض في حجم التسويق مهم.
عطاءات “سعر للساكن” في كانون الثاني تناولت أراضي لـ 1070 وحدة سكنية، وهذا انخفاض بمعدل 50 في المئة مقارنة مع 2282 وحدة سكنية سوقت في كانون الثاني الماضي. انخفاض عدد العطاءات المدعومة كان بسبب تقديرات انخفاض الطلب والفائض في العرض على الشقق بالضواحي.
شايكا نفحة، وهو صاحب شركة بناء باسم “سلعيت”، والذي يبني في إطار عطاءات “سعر للساكن” في بئر السبع، أشار إلى أن الأرقام تتم ملاحظتها على الأرض أيضاً. “في الفترة الأخيرة لاحظنا انخفاضاً في عدد عطاءات “سعر الساكن”. عطاءات كثيرة يتم نشرها، لكنها ترفض مرة تلو الأخرى؛ لأن سلطة أراضي إسرائيل تقوم بإصدارها من دون إعداد كاف.
وفي حالات أخرى يمكن رفض العطاءات بسبب نقص الأعداد أو نقص الطلب. لا يوجد عطاء مربح من دون أن يكون له مشترون. وفي كل حالات فشل العطاء السبب هو عدم الربح الكافي أو أن الشروط لا تناسب السوق”، قال.
وحسب أقواله “العطاءات يتم نشرها في مناطق جذابة، لكن السلطة لا تنجح في تسويقها. في عدد من الحالات تغير السلطة شروط العطاء، وهكذا يتم تحويل عطاء سعر للساكن إلى عطاء للسوق الحرة أو لصالح سكن للتأجير”.
يتسبب سلوك السلطة بنفقات كبيرة. حالات الرفض الكثيرة والتغييرات التي يشتكي منها المقاولون تصعب في مرات كثيرة على النشاطات بهذا الفرع. في عدد من الحالات تنشر سلطة أراضي إسرائيل مناقصة عن قطعة أرض، والتي معروف لكل المعنيين أثناء النشر أنها غير قابلة للتسويق بالفعل. هذا السلوك الإشكالي يؤدي إلى استياء المعنيين ونفقات كبيرة لهم. هم يستثمرون جهوداً كبيرة في الإعداد للمناقصة وفي الفحوصات الهندسية والاستعدادات وتمويل الضمانات من البنوك، لكن موعد تقديم العروض يتم تأجيله مرة تلو الأخرى.
مثلاً، في أيلول 2019، نشرت السلطة مناقصة لأراض لبناء 461 وحدة سكنية ضمن برنامج “سعر للساكن” بمستوطنة “بات حيفر” في “السامرة”. ولكن المناقصة نشرت قبل أن تكون الدولة مستعدة لاستكمال الصفقة. قطعة الأرض، التي يدور الحديث عنها، كانت في السابق بملكية كيبوتس باحن، ومقابلها تمت تسوية ديون على الكيبوتسات وقعت بين الدولة والبنوك. بسبب ذلك، كانت المناقصة بحاجة إلى مصادقة خاصة من المحاسب العام في وزارة المالية والبنوك الشريكة في الاتفاق.
في تقرير “ذي ماركر” يتبين أنهم في المصلحة فضلوا المراهنة بالحصول على مصادقات حتى نهاية المناقصة. ولكن منذ أن عادت المناقصة وأُجّلت فإن الـ 12 مقاولاً المشاركين فيها يدفعون ثمن الإدارة الفاشلة، التي حتى الآن ما زالت لم تنته بنجاح.
“بات حيفر” ليست المثال الوحيد. في المدخل الجنوبي لحيفا توجد مناقصة كبيرة عن أرض لبناء 1000 وحدة سكنية قرب منشأة متام. وقد تم وقف المناقصة بعد أن تبين أن إضافة الشقق ستخلق عبء حركة غير محتمل على طرق الوصول إلى المدينة. تكلفة الحل المواصلاتي قدرت بـ 250 مليون شيكل، ومصدر التمويل لم يتم العثور عليه بعد. مع ذلك، لم يتم شطب المناقصة من موقع السلطة، ولا تزال موجودة بقائمة التسويق الرسمي. في سلطة أراضي إسرائيل قالوا في هذا السياق: إنه “بالنسبة لمناقصة مدخل حيفا هناك فائدة، بما في ذلك حل لطرق المواصلات، ويتوقع أن تنتهي كما تقرر لها في 17 شباط، وهكذا أيضاً فيما يتعلق بمناقصة بات حيفر”.
استنتاج آخر يظهر في معطيات سلطة أراضي إسرائيل، يتعلق بأنه رغم الميل التخطيطي الحديث الذي يستهدف زيادة الاكتظاظ في المدن وتقليل بناء المنازل غير المرتفعة بقدر الإمكان، فإن مناقصات كثيرة تركز السلطة عليها مخصصة لبناء الفيلات. هكذا ينتج أنه بدلاً من تفضيل الأراضي التي تسمح فيها مخططات البناء البلدية ببناء مكثف، مديني ومكتظ، تسوق الدولة أراضي بمساحات كبيرة لصالح الفيلات.
في كانون الأول 2019، مثلاً، نشرت السلطة مناقصات لبناء 85 فيللا ومبان قليلة الطوابق في البلدة الجديدة جفعوت عيدن، التي يتوقع أن يتم البدء بإسكانها بعد ثلاث سنوات في منطقة بيت شيمش، أرض لبناء 89 فيللا في نتيفوت، وأرض لبناء 30 فيللا في عراد، و110 مبنى قليل الطوابق في موشاف إليخين، المنطقة التي يوجد فيها أيضاً بناء مكثف.
صحيح أنه حتى الآن تسيطر سلطة أراضي إسرائيل على 90 في المئة تقريباً من أراضي الدولة التي تشكل المصدر الأساسي لعرض الأراضي التي يتوقع أن تحرر الدولة من ضائقة السكن وتوقف ارتفاع الأسعار المستمر. ولكن نشر مناقصات الأرض هو فقط المحطة الأولى على خط إنتاج الوحدات السكنية. بعد نشر المناقصات تحصي سلطة الأراضي نتائج الصفقات بالفعل، أي المناقصات التي تم إغلاقها بنجاح.
بصورة منهجية، هذا الرقم أقل بصورة كبيرة من الأرقام الموجودة في المناقصات، حيث إن عدداً من المناقصات لا يحظى بطلب من جانب المقاولين بالسوق، وفي حالات أخرى تبادر سلطة الأراضي إلى إلغاء أو تأجيل المناقصات. في كانون الثاني انتهت بنجاح مناقصة لبيع 374 شقة فقط، 143 شقة منها في إطار خطة “سعر للساكن” بالعفولة وحتسور وغليليت.
الأرقام المنخفضة هي تحسن كبير مقارنة مع كانون الثاني 2019 الذي انتهت فيه بنجاح عطاءات لـ 172 شقة في حين أن 156 منها كانت في إطار “سعر للساكن”. وفي السنتين الأخيرتين لوحظ انخفاض بمعدل 6 بالمئة في حجم تسويق الأراضي المسؤولة عنها السلطة، من أراض بحجم 60 ألف وحدة سكنية سوقت في 2018 إلى أراض بحجم 56 ألف وحدة سكنية سوقت لمقاولين في 2019. معطيات كانون الثاني، التي افتتحت 2020، تعكس في الحقيقة نشاطاً شهرياً فقط، لكن من شأنها أن تظهر لنا الصعوبات بتحقيق الأهداف أيضاً في 2020.
من سلطة أراضي إسرائيل جاء الرد على ذلك: “لا توجد أهمية لمعطيات التسويق الشهرية، ونحن نواجه للمرة الأولى محاولة المقارنة الشهرية. تتعامل السلطة مع معطيات تسويق سنوية، منها يمكن أن نعرف الميول والتوجه في سوق السكن، وحتى هذا أمر محدود الضمان؛ لأن جزءاً من التسويقات المعروضة بأرقام سنوية يتم إنضاجها في صفقة للسنة التالية.
في إجمالي العام 2019، الذي قمنا بنشره في بداية كانون الثاني، تم طرح الأرقام بالتفصيل من خلال الإشارة إلى حقيقة أن الأمر يتعلق بسنة فيها جرت انتخابات قطرية وانتخابات بلدية، أثرت بشكل كبير على القدرة على تسويق الأراضي”.
عن “هآرتس”