لم تكتف بلدية الاحتلال الإسرائيلي بتحويل “كرم المفتي” في حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة إلى كنيس يهودي، بل شرعت فعليًا بالعمل لإنشاء “حدائق توراتية” تخدم المستوطنين.
وقبل يومين، اقتحمت طواقم من “سلطة الآثار” الإسرائيلية وبلدية الاحتلال “كرم المفتي”، وشرعت بأعمال تمهيدية لإنشاء “حدائق توراتية” على أرضه، مدعية بحثها عن آثار في المكان.
وفي العام 1967، صادرت سلطات الاحتلال أراضي “كرم المفتي”، البالغ مساحتها 3 آلاف و345 دونمًا في تلك الفترة، وأصبحت حاليًا 32 دونمًا.
ويطلق عليه “كرم المفتي” نسبةً إلى مالكه الحاج أمين الحسيني مفتي القدس السابق، والذي عمدت سلطات الاحتلال وجمعية “عطيرت كوهانيم” الاستيطانية إلى تحويل قصره لكنيس يهودي.
مشروع تهويدي
المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن مهندسين وعلماء من “سلطة الآثار والطبيعة” الإسرائيلية ومصممين شرعوا الأحد الماضي، في أخذ قياسات ورسم المخططات لأجل البدء فعليًا في إقامة “حدائق توراتية” على أرض “كرم المفتي”.
ويضيف أن الحدائق التوراتية ستقام على مساحة 2 دونم و300 متر مربع من إجمالي المساحة الكلية لكرم المفتي والبالغة 32 دونمًا، والذي سيتم مصادرتها لتنفيذ مشروعها التهويدي عليها.
وبحسب أبو دياب، فإن تلك الحدائق سيتم وصلها مع الحدائق المقامة في جبل الزيتون وحي الصوانة وبلدة سلوان، لإيجاد حزام من الحدائق التوراتية في محيط المسجد الأقصى المبارك.
وستتضمن تلك الحدائق مسارات تلمودية ويافطات إرشادية وتعليمية، وسلاسل حجرية قديمة جدًا كُتب عليها “أنها كانت منطقة يعيش فيها يهود من حقبة الهيكل الأول أو الثاني”.
ويوضح أبو دياب أن هذه المسارات تُحاكي حضارة يهودية مزورة، كي تُشعر الزائرين المستوطنين واليهود بأنها كانت من “حقبة الهيكل”، وكذلك لغسل أدمغتهم.
ويشير إلى أن أذرع الاحتلال الحكومية والرسمية تقف خلف هذا المشروع التهويدي، وتُخصص ميزانيات ضخمة لأجل تهويد مدينة القدس بأكملها.
وتُعد “الحدائق التوراتية” من أخطر المشاريع التهويدية على القدس، والتي تستهدف طمس حضارتها الإسلامية الأصيلة وتزوير التاريخ والجغرافيا ومحو الآثار الفلسطينية وتغيير طابعها التاريخي، تمهيدًا لتحويلها إلى “أورشليم” حسب “الوصف التوراتي”.
تغيير المعالم
وتهدف بلدية الاحتلال من خلال إقامة الحدائق التوراتية، وفق أبو دياب، إلى تغيير معالم أرض “كرم المفتي”، ولتهويد الثقافة العربية الإسلامية، وفرض وقائع جديدة ومغايرة عن تاريخ وحضارة القدس العريقة.
وكانت سلطات الاحتلال استولت على قصر المفتي الحسيني، وأعطت إدارته لجمعية “عطيرت كوهانيم” الاستيطانية، والتي بدورها حولته لكنيس يهودي، وأقامت منذ عدة سنوات، 28 وحدة استيطانية على أنقاض الأرض لصالح المستوطنين.
وتخطط جمعية “عطيريت كوهانيم”، إلى مضاعفة عدد الوحدات الاستيطانية في محيط قصر المفتي التاريخي إلى 56 وحدة.
وينوه المختص في شؤون القدس إلى أن شركة “موريا” التابعة لبلدية الاحتلال تقوم على تنفيذ مشاريع التهويد في المدينة المقدسة، بما فيها مخطط إقامة حدائق توراتية في “كرم المفتي”.
ويؤكد أن الاحتلال يعمل حثيثًا لأجل فرض وقائع جديدة بالقدس، وخاصة ما يتعلق بالأيديولوجية اليهودية، لذلك يسعى إلى إقامة “الحدائق التلمودية” في محيط البلدة القديمة والمسجد الأقصى.
ويبين أن الاحتلال يحاول في كل منطقة الاستيلاء عليها بالمدينة أن يُحولها لـ”حديقة تلمودية”، “لأنه يريد أن يعتاد الناس على وجود تلك الحدائق في ثقافة وتاريخ وحياة المدينة”.
وتسعى سلطات الاحتلال لإحاطة المسجد الأقصى بالحدائق التوراتية من الجهات كافة، في استهداف واضح لكل من يريد الوصول إليه، ولتشويه معالمه الإسلامية، من أجل إثبات حضارة يهودية مزعومة لم يستطيع علماء الآثار الإسرائيليين العثور عليها من خلال الحفريات والتهويد، كما يؤكد أبو دياب.