يوافق اليوم الذكرى السنوية الـ54 لـ”نكسة حزيران”، التي بدأت عقب هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي على قوات مصرية وسورية وأردنية، نجم عنه احتلال الضفة الغربية وشرقي القدس وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية.
وتأتي هذه الذكرى الأليمة، فيما تواصل سلطات الاحتلال ارتكاب المزيد من الجرائم البشعة بحق الشعب الفلسطيني، وسياساتها الهادفة إلى تهجيره واقتلاعه من أراضيه في الضفة والقدس، وسط تصاعد عمليات التهويد والاستيطان ومصادرة الأراضي، والاعتداء على المقدسات، وخاصة المسجد الأقصى المبارك.
ففي الخامس من حزيران/يونيو 1967، بدأت “إسرائيل” الحرب بهجوم عسكري مفاجئ على الجبهة المصرية، دشّنته بغارتين متتابعتين على القواعد الجوية في سيناء وعلى قناة السويس.
وكان هذا الهجوم النقطة الفاصلة بين ثلاثة أسابيع من التوتر المتزايد والحرب الشاملة بين “إسرائيل” ومصر وسوريا والأردن، ساندتهم قوات عراقية خلال العدوان الإسرائيلي.
وبعد انتهاء جيش الاحتلال من القضاء على سلاح الجو المصري، تحوّل إلى جبهتي الأردن وسورية، وكان الطيران الأردني والسوري ومعهما العراقي بدأوا بشن غارات على المستوطنات الإسرائيلية لتخفيف الضغط عن الجبهة المصرية.
وما أن انقضى نهار 5 حزيران حتى كان الطيران المصري والسوري والأردني خارج ساحة القتال، وتمكّنت “إسرائيل” من السيطرة على مساحات كبيرة من الأرض العربية بزيادة أربعة أضعاف ما كانت احتلته عند إعلان إنشائها بعد “النكبة” عام 1948؛ فضمّت إليها كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وسيناء والجولان.
وسيطرت “إسرائيل” على المصادر النفطية في سيناء، وعلى الموارد المائية في الضفة الغربية والمرتفعات السورية، ما مكّنها من زيادة عمليات الهجرة والاستيطان في الأراضي العربية المحتلة.
وباشرت “إسرائيل” بعمليات تهويد للقدس بطريقة مخططة ممنهجة، واستطاعت باستيلائها على مساحات شاسعة من أراضي الضفة تحسين وضعها الاستراتيجي والأمني والعسكري، وإزالة أي خطر عسكري كان من الممكن أن يتهددها، أو وجود أي جيش عربي منظم ومسلح في الضفة، التي تُعد القلب الجغرافي لفلسطين التاريخية.
وأما على الجانب الجيواستراتيجي فقد استطاع الكيان الإسرائيلي من إقامة “حدوده” عند موانع أرضية حاكمة (قناة السويس – نهر الأردن – مرتفعات الجولان) وازاد بذلك العمق الاستراتيجي للدولة العبرية.
وبسطت “إسرائيل” كامل سيادتها على مدينة القدس التي احتلّت شطرها الغربي عام 1948، وتسبّبت بعد “النكسة” بموجة تشريد جديدة طالت نحو 300 ألف فلسطيني استقر معظمهم في الأردن، حتى بات “يوم النكسة” عنوانًا آخر لتهجير الفلسطينيين بعد ما تعرّضوا له خلال “النكبة” عام 1948.
وتزامن ذلك مع سيطرة جيش الاحتلال على الخليل، كما شرع لواء من جيش الاحتلال بالزحف شرقًا نحو نهر الأردن، وفي الوقت نفسه هاجمت قوات إسرائيلية بيت لحم مدعومة بالدبابات، وتم الاستيلاء على المدينة.
وفي اليوم نفسه، وصل جيش الاحتلال إلى نهر الأردن وأغلق الجسور العشرة الرابطة بين الضفة الغربية والمملكة، وبعد انسحاب قوات الجيش العراقي، تمت السيطرة على أريحا.
وقد ساهمت حرب حزيران أو ما تعرف بـ”الأيام الستة” في أفول نجم القومية العربية وشجعت الحركات والمنظمات الفلسطينية على تجاوز وصاية الأنظمة العربية.
وأسفرت عن استشهاد 15 – 25 ألف عربي مقابل مقتل 800 إسرائيلي، وتدمير 70 – 80% من العتاد الحربي في الدول العربية.
ونتج عن هذه الحرب صدور قرار مجلس الأمن رقم 242، وانعقاد قمة اللاءات الثلاثة العربيّة في الخرطوم، وتهجير معظم سكان مدن قناة السويس، وكذلك تهجير معظم مدنيي محافظة القنيطرة في سوريا، وعشرات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني من الضفة، ومحو قرى بأكملها، وفتح باب الاستيطان في القدس والضفة.
ولم تقبل “إسرائيل” بمنطق السلام، بل استمرت في ضم الأراضي المحتلة خطوة بعد خطوة، وفي رفض قرارات منظمة الأمم المتحدة وتحدي ميثاقها وانتهاك مبادئها؛ واستمرت الحال على ذلك حتى نشبت حرب ( أكتوبر تشرين) في 6-10-1973.