امتنعت الشرطة الإسرائيلية عن فتح تحقيق في جريمة قتل الشهيد إسماعيل جمال الطوباسي (26 عاماً) من قرية الريحية جنوب مدينة الخليل، منتصف الشهر الماضي، على أيدي مستوطنين، بحسب ما كشف تقرير نشر في صحيفة “هآرتس”، أمس.
وأشار التقرير إلى أنه بعد الكشف لأول مرة عن تفاصيل الجريمة في تحقيق صحافي نشر في موقع “سيحاه ميكوميت” والقناة العامة الإسرائيلية (“كان 11”)، ادعت الشرطة أنه لم يتم تقديم شكوى وأن تفاصيل الحادثة غير معروفة لها.
وبعد مرور أكثر من أسبوعين، كشفت “هآرتس” أن الشرطة الإسرائيلية لم تفتح تحقيقاً في الجريمة حتى هذه اللحظة، كما أنها لم تتعامل بجدية مع أفراد من عائلة طوباسي حاولوا تقديم شكوى للشرطة، وتعاملت معهم باستهزاء وحاولت المماطلة، في محاولة لثنيهم عن تقديم شكوى رسمية.
ووفقاً للتحقيق الذي نشر في “سيحاه ميكوميت” و”كان 11″ فإن طوباسي أصيب برصاص مستوطنين في 14 أيار الماضي، وبعد ذلك تعرض لهجوم وحشي بأدوات حادة بينما كان مستلقياً عاجزاً.
وأفاد شاهدان بأن مستوطنين أطلقوا النار على طوباسي بعد أن بدؤوا في إشعال النار في حقول وأشجار يملكها فلسطينيون في الريحية.
ونقل التحقيق عن شهود عيان قولهم إن طوباسي وفلسطينيين آخرين توجهوا إلى الحقول لمحاولة إخماد النيران، وهناك بدأ مستوطنون مسلحون بالبنادق والفؤوس والهراوات بمطاردته، وبعدها سمع الشهود عدداً من الطلقات النارية.
وأكد أحد الشهود، وهو ابن شقيق طوباسي، أنه رأى عمه ملقى على الأرض بعد إصابته بالرصاص، لكنه لم يلحظ أي إصابات في وجهه، ثم فر من مكان الحادث خوفاً من أن يلاحقه المستوطنون الذين كانوا يقتربون من طوباسي الجريح.
وبعد نحو نصف ساعة نُقل طوباسي إلى المستشفى، وكان وجهه ملطخاً بالدماء بسبب الجروح الحديثة والعميقة، التي لم تكن موجودة بعيد إطلاق النار عليه. فيما ذكر تقرير المستشفى أنه أصيب في جبهته بجرحين حادين أحدهما بطول 20 سنتيمتراً والآخر سبعة سنتيمترات. فيما قال التقرير الصحي، إن سبب الوفاة كان رصاصة أصابت طوباسي في رأسه.
ويوم الخميس الماضي، وصل خالد طوباسي، شقيق إسماعيل، إلى مركز شرطة الاحتلال الإسرائيلي في “كريات أربع”، لتقديم شكوى رسمية لعلّ ذلك يدفع الشرطة إلى فتح تحقيق في ملابسات جريمة المستوطنين؛ وبحسب “هآرتس”، وصل خالد إلى محطة الشرطة في الساعة التاسعة صباحاً وانتظر بالخارج حتى الساعة الثانية عشرة، حيث منعوه من الدخول.
وبعد حوالى ثلاث ساعات من الانتظار، سُمح لخالد وأحد أقاربه من الذين شهدوا على جريمة قتل طوباسي، بالدخول إلى محطة الشرطة، وهناك انتظرا ساعة أخرى، وفي النهاية غادرا المكان بعد أن خرج إليهما محقق في الشرطة وتحدث إليهما باستخفاف، ما دفعهما إلى الرحيل.
وأكدت العائلة أنها تقدمت بشكوى إلى الشرطة الفلسطينية، وبحسب “هآرتس”، فإن شرطة الاحتلال تزعم أن الجهات الفلسطينية لم تسلمهم أي شكوى بهذا الخصوص؛ علما أن اتفاقيات أوسلو تنص على أنه إذا تم تلقي شكوى فلسطينية بخصوص مواطنين إسرائيليين (مستوطنين في هذه الحالة)، فمن المفترض أن تقوم الشرطة الفلسطينية بإحالتها إلى شرطة الاحتلال.
ويمكن للشرطة الإسرائيلية التوجه إلى الشرطة الفلسطينية بهذا الشأن من خلال إدارة التنسيق والارتباط.
ونقلت “هآرتس” عن المدير العام لمنظمة “ييش دين” الحقوقية الإسرائيلية، التي رافقت خالد طوباسي إلى مركز شرطة الاحتلال في “كريات أربع”، قوله إنه “يجب أن يخجل الجميع من المعاملة التي تلقاها شقيق طوباسي في مركز الشرطة. ولا شك في أنه لو كان الضحية يهودياً وأن المشتبه بهم فلسطينيون، لكانوا قد اعتقلوا. حتى في الحالات التي تفتح فيها الشرطة تحقيقات في عنف المستوطنين، أغلقت 91% من الملفات”.