لم تتوقف سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن حفرياتها الواسعة والضخمة في محيط وأسفل المسجد الأقصى المبارك، وساحة البراق، تمهيدًا لتنفيذ مشاريعها التهويدية، ما يهدد أساسات وجدران المسجد، ويشكل خطورة كبيرة على وجوده.
وقبل عدة أيام، شرعت سلطات الاحتلال بإجراء حفريات سرية جديدة أسفل الجهة الغربية لساحة البراق المؤدية لحارتي الشرف والمغاربة في القدس القديمة، والتي تشكل جزءًا لا يتجزأ من المسجد الأقصى.
وما يدلل على إجراء تلك الحفريات بشكل سري، وجود عمال ومعدات وآليات خاصة بأعمال الحفر في المنطقة، بالإضافة إلى استخراج بقايا صخور وأتربة من أسفل المنطقة، ووضع بعضها في أكياس ونقلها إلى أماكن مجهولة. كما يقول الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب لوكالة “صفا”.
ويوضح أن أعمال الحفريات تجري على قدم وساق في المنطقة الملاصقة لساحة البراق غربي الأقصى، تحت حراسة أمنية مشددة، بحيث لا يسمح لأي أحد بالدخول للمنطقة.
ويضيف أن الاحتلال يهدف من خلال هذه الحفريات إقامة طريق أرضي “نفق” بطول 159 مترًا، يصل بين منطقة “حارة الشرف”، التي استُبدل اسمها بـ”حارة اليهود”، إلى بداية جسر باب المغاربة المؤدي إلى داخل المسجد الأقصى، وتستخدمه قوات الاحتلال والمستوطنين في الاقتحامات.
و”حارة الشرف” هي حي إسلامي في القدس القديمة، تبلغ مساحتها 133 دونمًا، وهي ملاصقة لحارة المغاربة، هدم الاحتلال عام 1967، حوالي 70% من مساحتها وصادر معظم مبانيها المتبقية، وطرد 3 آلاف فلسطيني من سكانها، وحول اسمها إلى “حارة اليهود”.
محاصرة الأقصى
وسيتخلل الأعمال الإسرائيلية-وفقًا لأبو دياب- إقامة 10 أعمدة ضخمة فوق الطريق الأرضي، الموصل لبداية جسر المغاربة، ما يُهدد المسجد الأقصى، والحضارة العربية التي تدلل على رمزية المكان، كما سيتم وضع “معالم يهودية فوق الأرض ترمز للديانة اليهودية والتوراة”.
ويشرف على الحفريات التي تجري في السور الغربي لساحة البراق، ما يسمى “صندوق تراث حائط المبكى”، بالتعاون مع بلدية الاحتلال، و”سلطة الآثار” الإسرائيلية.
ويشير إلى أن عمليات الحفر يتخللها استخراج كميات كبيرة من الصخور والأتربة من المنطقة المستهدفة، والتي تدلل على رمزية المكان وحضارته العربية الإسلامية كونها تضم آثارًا عربية وإسلامية كثيرة.
ويبين أن الاحتلال يعمل على طمس المعالم والآثار الإسلامية في المنطقة، وإقامة مسارات وأنفاق جديدة تحت الأرض، وصولًا للمسجد الأقصى لمحاصرته وعزله وإحكام مزيد من السيطرة على مداخله، وكذلك العمل على توسعة ساحة البراق لصالح المستوطنين.
ووفقًا لأبو دياب، فإن سلطات الاحتلال تسعى لإعادة صياغة وتهويد المنطقة المستهدفة بشكل كبير جدًا، بما يتلاءم مع الروايات اليهودية، وطمس الحقائق العربية والإسلامية، وتشويه الطراز المعماري العربي القديم، واستبدالها بمعالم يهودية جديدة.
ويوضح أن الجزء الثاني من المشروع الإسرائيلي سيبدأ في منطقة جسر باب المغاربة خلال الأيام المقبلة، بما يشمل إقامة بنية تحتية لتوسعة الجسر الخشبي واستبداله بجسر ضخم من الباطون المسلح والحديد المقوى لزيادة أعداد المستوطنين المقتحمين للأقصى.
ويلفت الباحث في شؤون القدس، إلى أنه سيتم بناء غرف أمنية لشرطة الاحتلال والقوات الخاصة ملاصقة لباب المغاربة وللسور الغربي للأقصى، ناهيك عن إجراء حفريات لأجل وضع الأساسات والأعمدة.
وبحسبه، فإنه سيتم أيضًا سقف نحو 740 مترًا مربعًا تحت جسر المغاربة، لتوسعة ساحة البراق من أجل إقامة مصلى لليهود.
تهويد المكان
ولهذه الحفريات مخاطر جمة على المسجد الأقصى، كما يوضح أبو دياب- بحيث تؤدي إلى تضرر أساساته من الجهة الغربية للمسجد، وقد تؤثر على معالمه كالمتحف الإسلامي، ومسجد البراق، والرواق الغربي، ومسجد النساء وغيرها.
ويشدد على أن الاحتلال لا يستهدف فقط المسجد الأقصى، بل التاريخ والآثار الإسلامية، والنمط المعماري، بما يشكل تهديدًا حقيقيًا للمنطقة برمتها، كجزء من فرض واقع جديد على المسجد ومحيطه.
ويطالب أبو دياب منظمة “اليونسكو” والمملكة الأردنية بإرسال وفدين للمنطقة المستهدفة للاطلاع على ما يجري عن كثب من تزوير وطمس للتاريخ والآثار، والعمل السريع والجاد لإجبار “إسرائيل” على وقف الحفريات وكافة الأعمال التهويدية فيها.
وكانت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، قالت إن المقاولين الذين تقدموا لمناقصة بناء جسر باب المغاربة، الموصل بين باحة حائط البراق إلى المسجد الأقصى، وقّعوا على بند سري بخصوص أعمال بناء الجسر.
وجاء في البند السري “أتعهد بهذا بالحفاظ على سرية كاملة ومطلقة للمعلومات السرية، وكل ما يتعلق أو ينبع منها، وعدم نشر وعدم كشف بأي طريقة كانت أمام أي شخص أو هيئة وكل ذلك لفترة غير محدودة”.
وأصدر المناقصة “صندوق تراث حائط المبكى”، المسؤول عن حائط البراق من قبل مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية.
عن وكالة صفا