الرئيسية / ملف الاستيطان والجدار / الخان الأحمر… تاريخ وأصول

الخان الأحمر… تاريخ وأصول

الخان الأحمر قرية بدوية تقع على مسافة 15 كيلومترًا إلى الشرق من مدينة القدس، بالقرب من الشارع السريع رقم 1 المؤدي إلى أريحا، إلى الشرق من مستوطنة “معاليه أدوميم”، داخل منطقة نفوذ المنطقة الصناعية “ميشور أدوميم”. تبلغ مساحة هذه القرية 40 دونمًا، يعيش فيها 200 شخص يتوزعون على 45 عائلة. هذا التجمع البدوي من عشيرة أبو داهوك وغيرهم ينتمي إلى قبيلة عرب الجهالين.

يتوزع عرب الجهالين في القدس على 23 تجمعًا في أربع مناطق أساسية هي: عناتا، ووادي أبو هندي، والجبل، والخان الأحمر. يقدر عددهم بنحو 7 آلاف نسمة، وأصلهم من النقب من منطقة عراد الواقعة على بعد 37 كم إلى الشرق من مدينة بئر السبع. وكان الجيش الإسرائيلي قد أجبرهم على النزوح من مضاربهم سنة 1952 إلى الضفة الغربية بحجة ضروريات الأمن، فأسكنتهم الحكومة الأردنية في منطقة القدس في الأماكن المذكورة أعلاه.

منذ سنة 2009 حاولت السلطات الإسرائيلية إخلاء سكان الخان الأحمر وهدم القرية بحجة عدم وجود تراخيص قانونية للبناء، ولكن السكان عارضوا بشدة وتصدوا للجرافات الإسرائيلية بصدورهم. وقد حظي هؤلاء بعطف الدول الأوروبية والهيئات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان. في تلك السنة أقيمت مدرسة في القرية بالتعاون مع منظمة مساعدات إيطالية، وقد صدر قرار بهدم المدرسة كذلك!

في أيلول 2018 قررت المحكمة الإسرائيلية العليا وجوب تنفيذ قرار الهدم، ولكن رئيس الحكومة حينها، بنيامين نتياهو، تلكأ في تنفيذ هذا القرار بسبب الضغوط الدولية.

يقول الناطق باسم تجمع أبو داهوك، محمود خميس، إنّ “السكان لديهم خياران لا ثالث لهما. إما العودة إلى أراضيهم في النقب، التي تعتبرها إسرائيل أملاك غائبين بينما يملك أهالي الخان الأحمر ’الطابو’ الخاص بها، وهي مسجلة بأسماء أجدادهم، أو البقاء في الخان الأحمر، والتفاوض على إنشاء قرية تتناسب مع المواصفات الإسرائيلية بدون المساس بحياة البداوة”. ولا تزال القضية تراوح مكانها.

في الخان الأحمر وُجدت آثار دير فيه كنيسة، بناه القديس أوثيميوس سنة 428 للميلاد ليكون مركزًا للرهبان الذين يتعبدون في المغاور القريبة. أو بُني تكريمًا له.

وفي عام 614 للميلاد احتل الفرس فلسطين وقاموا بهدم الكنيسة، فلما جاء “الفاتحون” المسلمون سمحوا بترميم تلك الكنيسة التي بقيت عامرة في العهد الصليبي، ثم خُربت بعد ذلك، وبُني على أثارها خان يخدم التجار المارين بين القدس وأريحا. كان هذا الخان مُسورًّا ومكونًا من طابقين، وفيه بركة مياه، وسمي باسم الخان الأحمر لأنه مبني من حجارة حمراء اللون. وهو مملوكي الطراز، يبدو أنه بني في بداية القرن الثامن الهجري ببداية الرابع عشر للميلاد.

بجوار الخان أقيمت قلعة صغيرة سميت بقلعة الخان، أو قلعة الدم لأن حجارتها كانت حمراء كالدم. في بداية العهد العثماني قلّت أهمية الخان الأحمر، إذ أقيم خان آخر بالقرب منه.

إلى الشرق من الخان الأحمر، على بعد 5 كم منه، على قارعة الطريق، أقيم خان آخر اسمه خان الحثرورة. في سنة 1863 زار الرحالة الفرنسي فيكتور جيرين هذا الخان، وقال عنه إنه حديث العهد مبني على أسس قديمة، بناه إبراهيم باشا.

يبدو أن ابراهيم باشا استعمل في بنائه حجارة من الخان الأحمر، وهذا يفسر لنا الادعاء بأن ابراهيم باشا هدم الخان الأحمر أثناء حربه ضد القبائل العربية الفلسطينية. والحثرورة كلمة عربية تعني أتربة متعددة الألوان مثل اللون الأحمر، واللون الأخضر واللون الأسود.

يُذكر أن المستوطنين ترجموا الاسم العربي أحمر بـ”أدوميم”، وحرفوا اسم حثرورة العربي إلى “حترور”. وهو سطو ثقافي وليس مكانيا فحسب.

في عام 1884 عُثر بين أطلال خان الحثرورة على حجر ميل من عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان، الذي حكم بين السنوات 66-86 هجرية/ 685-705 ميلادية.

وعلى الحجر نُقشت الكلمات التالية: “… أمر بعمارة هذا الطريق بصنعة الأميال عبد الله عبد الملك أمير المؤمنين رحمت الله عليه من دمشق إلى هذا الميل تسعة ومائه ميل”.

والحجر موجود الآن في متحف السلطان أحمد بإسطنبول. وحجر الميل المذكور يدل على اهتمام الدولة العربية في شق الطرق وتمهيدها لتكون صالحة للسفر بين القدس وأريحا.

وجود الخان والقلعة أدى إلى نشوء تجمع سكاني عربي في الخان الأحمر، ناهيك عن أن البدو جاسوا خلال الديار. وفي سنة 1931 كان يعيش في الخان الأحمر 37 شخصًا، وحولهم بدو كثيرون. أما الأراضي فكانت تابعة لأهالي أبو ديس وسلوان.

وبجوار الخان الأحمر توجد تجمعات بدوية هي: أبو الحلو، وأبو فلاح، والكرشان. وهم ينتمون إلى عرب الجهالين، ويبلغ عدد السكان أكثر من 400 نسمة.

خاصّ بـ”عرب ٤٨”/ د. محمد عقل

عن nbprs

شاهد أيضاً

مستوطنون يهاجمون قرية برقا شرق رام الله

هاجم مستوطنون، مساء الأربعاء، أطراف قرية برقا شرق رام الله، قبل أن تقتحم قوات الاحتلال …