حسام عز الدين:
فيما ينشغل أصحاب الأرض الأصليون في الدفاع عن حقهم في قطف ثمار الزيتون من أراضيهم المتبقية الى جانب المستوطنات، تنشغل آليات ضخمة عملاقة داخل المستوطنات لتشييد بنايات عملاقة داخل هذه المستوطنات، قلما كانت تشاهد في السنوات الماضية، وهو ما يشير بوضوح الى أن العقلية الاستيطانية تنتقل، الآن، من مرحلة تثبيت المستوطنين في بناياتهم الخاصة عبر التوسع الأفقي في المستوطنات الى مرحلة البنايات التجارية العملاقة داخل المستوطنات في توسع عامودي.
فعلى أطراف مستوطنة “عوفرة” المقامة على أراضي قرى عين يبرود ودير جرير وسلواد والطيبة وبجانب الشارع الرئيسي شيد المستوطنون بناية عملاقة من حوالي عشر طبقات، ووضعوا عليها إعلانات تجارية تدعو المستوطنين من رجال الأعمال للاستئجار.
وليس بعيدا عن مستوطنة “عوفرة”، تظهر ثلاثة تجمعات ضخمة، يبدو أنها تجارية، يتم الانتهاء منها في وسط مستوطنة “بيت إيل” المقامة على أراضي البيرة وبيتين وعين يبرود ودورا القرع حيث يمكن مشاهدة الآليات العملاقة وهي تضع لمساتها الأخيرة على هذه البنايات.
يقول احد سكان تلك المنطقة القريبة من المستوطنة: “لم نكن نشاهد سابقا هذا النوع من البنايات داخل المستوطنة”.
احد المسؤولين الكبار، قال في حديث طلب عدم ذكر اسمه فيه: “نحن، الآن، في مرحلة الربع ساعة الأخيرة، إما مواصلة الحديث عن حل الدولتين او الذهاب تلقائيا الى حل الدولة الواحدة، لأن الأمور تسير باتجاه استحالة إقامة دولة فلسطينية وسط هذا الاستيطان المتواصل”.
ما يعزز ما ذهب إليه هذا المسؤول الكبير، ان العمليات الاستيطانية في الضفة الغربية تتواصل في الوقت الذي يواصل فيه الجيش الإسرائيلي عزل القرى والمخيمات الفلسطينية، سواء من خلال الحواجز العسكرية، او من خلال البوابات الحديدية التي نصبها على مداخل التجمعات الفلسطينية في الضفة الغربية، خاصة شمال الضفة الغربية، وهو ما يشير الى سياسة احتلالية تقوم على عزل أصحاب الأرض الأصليين تحت حجة الأمن، وإفساح المجال لحوالي 750 ألف مستوطن لعمل ما طاب لهم من الاستيلاء والتوسع، حتى الملاحقة على حب الزيتون.
تتواصل عمليات الاستيطان في الوقت الذي تخلو فيه طاولة القيادة الفلسطينية من أي مبادرة سياسية تعطي الأمل بإمكانية عودة المفاوضات، إضافة الى هرولة بعض الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل وهو ما يشجع المستوطنين على مواصلة ما يقومون به بدعم واستناد حكومي احتلالي.
دار الحديث كثيرا عن مطار قلنديا، وانه من الممكن ان يكون مطار الدولة الفلسطينية المستقلة في الضفة الغربية، غير ان جرافات الاحتلال وفي وضح النهار قامت بتجريف كل علامات وجوده الحيوية، للإطباق على مدينة القدس شمالا بعد فصل بيت لحم جنوبا، وكأن الاحتلال يؤكد أنه يريد نسف أي إمكانية لحل الدولتين.
عن جريدة الأيام الفلسطينية