بقلم : تيسير خالد
وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الثالث من أيار الجاري مرسوما بفرض عقوبات اقتصادية ردا على العقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة الاميركية ودول الاتحاد الاوروبي وغيرها من الدول التي تصنفها موسكو بالدول غير الصديقة . ولم يقدم المرسوم تفاصيل عن الأفراد أو الكيانات التي قد تتأثر بهذه الإجراءات . وكان الرئيس بوتين قد اصدر مرسوما تحظر روسيا بموجبه تصدير المنتجات والمواد الخام إلى الأشخاص والكيانات المشمولة بالعقوبات. وكانت موسكو قد اصدرت مع بداية الحرب في اوكرانيا قائمة بالمواد الخام التي تعتزم روسيا حظرها من الاستيراد والتصدير حظرا مؤقتا وهي تصل لأكثر من 200 منتج إضافة إلى معدات حتى نهاية 2022 بينها معدات التكنولوجيا والاتصالات والطب والسيارات والزراعة والكهرباء ، وهذه خطوة ستؤثر دون شك على الأسواق العالمية بما فيها الاميركية ، خاصة إذا كان اليورانيوم المخصب من بينها . ويشمل الحظر كافة البلدان خارج دول الاتحاد الاقتصادي الأوراسي ، الذي يضم بيلاروسيا وكازاخستان وقرغيزيا وأرمينيا وروسيا .
وبدأت الدول التي تسميها روسيا بغير الصديقة تحسب الحساب لعواقب حربها الاقتصادية على روسيا نظرا لارتداداتها على الاستقرار في بلدانها . وهذا ما يفسر دعوة وزيرة الداخلية الألمانية مطلع أيار المواطنين في بلدها إلى تخزين المواد الغذائية والأدوية تحسبا لحالة طوارئ ، مشيرة إلى أن ذلك مرتبط بالوضع الذي تشهده أوكرانيا وذلك تحسبا من انقطاع الكهرباء لفترة طويلة ، أو فرض قيود تغير سير الحياة العادية ، إذ سيكون من الحكمة وجود احتياطي من المواد الغذائية في البيت حسب الوزيرة . ونصحت الوزيرة الألمان بالاهتمام بمنشورات الوزارة لحماية السكان، مشيرة إلى أن قائمة الاحتياط تشمل رزمة أغذية للحالات الطارئة معدة لاستهلاك شخص واحد لمدة عشرة أيام. وتشمل القائمة على وجه الخصوص 20 لترا من الماء، و3.5 كيلوغرام من الحبوب، والخبز، والمعكرونة، والأرز والبطاطا، وأربعة كيلوغرامات من الخضار والبقوليات، و2.5 كيلوغرام من الفواكه والمكسرات، و2.6 لتر من الحليب ومنتجات الألبان. فضلا عن 1.5 كيلوغرام من اللحوم والأسماك والبيض أو مسحوق البيض ، و357 غراما من الدهون والزيوت ، وكذلك المنتجات الأخرى حسب الاختيار الشخصي ، مثل الحلويات.
ولحساب تداعيات الحرب الاقتصادية المعلنة دعونا نعود قليلا الى الوراء ، الى العام 2014 بعد ان سيطرت روسيا الاتحادية على شبه جزيرة القرم وأعلنتها منطقة روسية . فقد صدرت قرارات لكل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عقب هذه الخطوة الروسية شملت مسؤولين روسيين وأوكرانيين بالمنع من دخول دول الاتحاد وأميركا وتجميد أموالهم ، وهدد الرئيس الأميركي باراك أوباما في حينه بالعقوبات الاقتصادية وبعزل روسيا دولياً وزعزة مكانتها في العالم . وقد طرح في حينه السؤال : هل ستكون آلية العقوبات الاقتصادية ناجعة في التعامل مع روسيا وهل سيكون تأثيرها وحيدا وسلبيا على روسيا فقط ؟
للاجابة على السؤال لا بد من الوقوف على حجم علاقات التبادل الاقتصادي والتجاري لروسيا مع هذه البلدان للاقتراب من التقدير الواقعي لتأثير العقوبات إن هي فرضت في ذلك الوقت على روسيا على نطاق واسع . فحسب تقديرات عام 2012 بلغ حجم التبادل التجاري بين روسيا والاتحاد الأوروبي 335.9 مليار يورو (468 مليار دولار)، منها 212.9 مليار يورو (296.6 مليار دولار) واردات أوروبية من روسيا ، في حين كانت واردات روسيا من الاتحاد بحدود 123 مليار يورو (171.3 مليار دولار)، أي أن الميزان التجاري كان في صالح روسيا بفائض قدره قرابة 90 مليار يورو (125 مليار دولار).
وقد استحوذ النفط على 84 في المئة من صادرات روسيا فيما استحوذ الغازعلى 76 في المئة من من تلك الصادرات . وعلى العكس من تجارة السلع فإن ميزان تجارة الخدمات بين الطرفين كان يميل لصالح الأوروبيين بفائض قدره 13 مليار يورو (18 مليار دولار)، وكان إجمالي الميزان التجاري للخدمات بين الطرفين في عام 2012 أيضاً بحدود 43.4 مليار يورو (60.4 مليار دولار)، تصدر أوروبا إلى روسيا خدمات بمقدار 28.2 مليار يورو (39.2 مليار دولار)، وتستورد من روسيا خدمات بنحو 15.2 مليار يورو (21.1 مليار دولار) . وفي قطاع الاستثمارات بلغ إجمالي الاستثمارات الروسية في أوروبا 53.1 مليار يورو (74 مليار دولار)، في حين وصل حجم الاستثمارات الأوروبية في روسيا في العام نفسه إلى 166.8 مليار يورو (232.4 مليار دولار)، وبذلك فالاتحاد يمتلك من الاستثمارات في روسيا ما يزيد بثلاث مرات قيمة الاستثمارات الروسية لديه.
أما العلاقات الاقتصادية بين روسيا وأميركا فقد كانت نسبيا ضئيلة ، فحسب بيانات التعداد الإحصائي لأميركا في عام 2013 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 38 مليار دولار بفائض لصالح روسيا قدره نحو 15.7 مليار دولار . ووكان يغلب على الصادرات الروسية إلى أميركا سلع النفط والغاز وخامات التعدين والمواد الكيمائية ، في حين تصدر أميركا إلى روسيا الخمر والسجائر والسيارات.
ولم تتطور الحرب الاقتصادية بين روسيا وكل من الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية على النحو الذي يبعث القلق بعد أحداث القرم ، غير ان السلوك الاوروبي والاميركي كان كافيا لدفع روسيا الاتحادية الى الأخذ بالاعتبار احتمالات وقوع حرب اقتصادية واسعة في المستقبل تستهدف تدمير الاقتصاد الروسي وتدفيع روسيا الثمن إذا ما توسعت جبهة المطالب الروسية من اوكرانيا . ازمة القرم اعطت الانذار لما هو قادم خاصة وان روسيا بدأت تدرك ان مستقبل علاقتها مع الولايات المتحدة الاميركية اصبح محكوما بعوامل جيو سياسية تتجاوز العلاقات بين البلدين نحو ابعاد كونية ذات صلة بالنظام الدولي المتحول بشيء من التسارع في ضوء صعود قوى دولية جديدة تتبنى سياسة بناء نظام دولي اكثر عدالة من النظام الجائر القائم .
وجاءت العملية العسكرية الروسية الخاصة في الدونباس لتؤكد ان ما كانت روسيا تتحضر له قد اصبح في حكم المؤكد . ذلك ما أكده السلوك الأوروبي والأميركي السريع جداً على ازمة الدونباس ، التي قدمت الى العلن ما كان مضمرا ، حيث كان واضحا اننا بصدد خطة محكمة أُعدت سلفاً، ومنذ سنوات ليست قليلة، من أجل تحطيم الاقتصاد وبالتالي الدور الروسي الذي بدا أنه في الطريق الى التمرد على النظام العالمي الذي تهيمن عليه الولايات المتحدة ، ومن المؤكّد أنَّ خطة مشابهة جاهزة للانقضاض على العملاق الصيني في الوقت المناسب. وعلى اية حال فإن من يقرأ استراتيجيّة الأمن القومي الأميركي الصادرة في كانون الثاني/ديسمبر 2017 يستطيع أن يتأكَّد من حقيقة ان الولايات المتحدة الاميركية كانت تخطط وتتحين الفرص للدخول على خط الاشتباك مع روسيا في رسالة موجهة الى الصين كذلك بأن الولايات المتحدة سوف تستخدم ما لديها من نفوذ وطاقات للحفاظ على النظام الدولي القائم وغير العادل الذي تفرض عليه هيمنتها المطلقة .
فما ان اعلنت روسيا البدء بعمليتها العسكرية الخاصة في اوكرانيا حتى سارعت الولايات المتحدة الاميركية الى تجييش حلفائها خلف المحيطات وليس فقط الاتحاد الاوروبي وحلف الناتو لمحاربة روسيا دون الدخول في صدام مباشر معها وذلك في مسارين ، تمثل الأول بإمداد أوكرانيا بمختلف انواع الاسلحة وبالمعلومات الاستخبارية في الحرب لتكبيد الجيش الروسي خسائر مادية وبشرية فادحة وتمثل الثاني بسلسلة من العقوبات الاقتصادية التجارية والاقتصادية والاستثمارية المتدحرجة على دفعات ، لتشمل الشخصيات القيادية في النظام والحكم والجيش الروسي. وقطاع المصارف والبنوك ، وخصوصاً شبكة ربط النظام النقدي والتحويلات المصرفية عن طريق نظام “سويفت” ومقاطعة التجارة الخارجية الروسية تصديراً واستيراداً من أجل خنق الاقتصاد الروسي ومقاطعة قطاع الطاقة (النفط والغاز) والبحث عن بدائل لهما من مصادر أخرى ووقف تدفّقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة من هذه الدول إلى روسيا ، فضلا عن الحصار الإعلامي ووقف بث القنوات الفضائية ووكالة الأنباء الحكومية الروسية وفرض الحصار الجوي المدني والتجاري وإغلاق الأجواء الأوروبية أمام الطائرات المدنية والتجارية الروسية.
يعتقد البعض ان رزم العقوبات المتدحرجة ضد روسيا قد فاجأت القيادة الروسية ، غير أنني لا أميل الى مثل هذا التقدير ، خاصة وأن القيادة الروسية قد بنت وطورت على امتداد سنوات اقتصادا مختلطا عالي الدخل تملك الدولة القطاعات الاستراتيجية فيه وهو من بين الاقتصادات الكبرى في اعتمادها على عائدات الطاقة في النمو الاقتصادي ، وفي اعتمادها كذلك على كميات هائلة من الموارد الطبيعية .
ذلك كان واضحا لمن يدقق في قراءة الموازنة العامة الروسية عشية اندلاع الأزمة الأوكرانية في وجود فائض في الموازنة، إذ قدّرت الإيرادات العامة بحوالى 25.02 تريليون روبل روسي (ما يعادل 319.8 مليار دولار أميركي)، مقابل 23.69 تريليون روبل مصروفات (أي ما يعادل 302.3 مليار دولار بسعر الصرف قبل الأزمة، إذ يعادل الدولار 78.24 روبلاً روسياً). كما هو واضح كذلك من خلال التدقيق في حيازة روسيا ليس فقط مصادر طاقة من الفحم والنفط والغاز بل وموارد زراعية ضخمة تصل إلى أكثر من 10 ملايين هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة تصل عائداتها السنوية نحو 76 مليار دولار ، وهي الى جانب ذلك تمتلك صناعة سلاح ضخمة ومتطوّرة تشمل مقاتلات نفاثة من الجيل الثالث والرابع ونظم دفاع جوي متطورة فضل عن والسفن والغواصات ، الأمر الذي مكّنها بهذا التنوع الاقتصادي والقدرات الإنتاجية في كل المجالات من نسج شبكة علاقات تجارية ومالية واسعة النطاق مع كثير من دول العالم، سواء في أوروبا أو دول العالم الثالث أو آسيا والصين .
ووفقا لهذه التقديرات فإننا لسنا ، كما تروج بعض المصادر ، أمام اقتصاد ريعي يعتمد الى درجة حادة على عائدات النفط والغاز والفحم بقدر ما نحن امام اقتصاد منتج عالي الدخل ويقف على ارضية صلبة . ومن المؤشرات على ذلك علاقات روسيا الاتحادية التجارية والاقتصادية المتطورة فضلا عن مكونات ناتجها المحلي وناتجها القومي الاجمالي المتنوع . فإذا نظرنا الى حجم التجارة الخارجية لروسيا (تصديراً واستيراداً) خلال العام 2021 فإننا نجد انه تجاوز 789.4 مليار دولار، بزيادة نسبتها 37.9% عن العام 2020 حيث بلغت صادرات السّلع الروسية إلى الخارج حوالى 493.3 مليار دولار، بما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي ، فيما بلغت الواردات 296.1 مليار دولار أي أن الميزان التجاري الروسي حقق في العام 2021 فائضاً بلغ نحو 197.3 مليار دولار، بزيادة نسبتها 88.4% (حوالى 92.6 مليار دولار) عن العام 2020 . في هذا المجال تجدر الاشارة الى التطور المتسارع للعلاقات الاقتصادية والتجارية مع الصين ، حيث بلغت التجارة الخارجية بين الصين وروسيا في العام 2021 حوالى 140 مليار دولار. ومن المقدّر أن تتجاوز 250 مليار دولار بحلول العام 2025، لتصبح الشريك التجاري الثاني والمضمون لروسيا. ومن الواضح ان كلا من روسيا والصين لن تخضعا علاقتهما للحرب الاقتصادية التي أعلنتها الولايات المتحدة وحلف الناتو ضد هذا البلد .
وإذا ما دققنا في صادرات روسيا فهي متنوعة ومن أهمّ صادراتها النفط الخام، والمشتقات النفطية، والغاز الطبيعي، والقمح، والحديد نصف النهائي، والألومنيوم، والذهب، والنحاس المكرر، والنيكل، والأسمدة النتروجينية، والأسمدة البوتاسيوم، والمواد الكيماوية، والمطاط الصناعي، وسلك النحاس، والخشب، والألماس. وتبلغ حصة روسيا من الصادرات العالمية للنيكل نحو 49%، والألماس 33%، والألومنيوم 26%، والبلاتينيوم 13%، والحديد 7%، والنحاس نحو 4%. ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لروسيا، إذ يمثل 37% من التجارة الخارجية لروسيا في العام 2020، ويعد جزء كبير منه في مجال الطاقة، إذ إنَّ حوالى 70% من صادرات الغاز الروسي ونصف صادراتها النفطية تذهب إلى أوروبا .
وفي السياق يطرح نفسه سؤال جوهري : هل هناك بدائل للغاز الروسي؟ يبدو واضحا من السجال الذي يدور حول ذلك ان التشابك المتبادل لا يسمح بالدخول في مخاطرات غير مدروسة على هذا الصعيد لسنوات قادمة ، لأن الضرر هنا واضح ولا يخضع للإختبار . إن أكبر الدول المتضررة من انقطاع الغاز الروسي هي بالترتيب : ألمانيا (16%)، وإيطاليا 12%، وفرنسا 8%، وبيلاروسيا 8%، وتركيا 6%، أي أنَّ 50% من صادرات الغاز الروسي تذهب إلى هذه الدول الخمس فقط ، وتأتي بعدها الصين 5%، وهولندا 5%، وكازاخستان 5%، والنمسا 5%، واليابان 4%، والمملكة المتحدة 4%، وبولندا 4%، والمجر 3%، ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 10%، ودول أوروبية أخرى غير المنتمية إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية 5%، دول آسيوية أخري 3%.
من المؤكد أن دولا مثل ألمانيا وايطاليا وفرنسا وهولندا وتركيا والمجر وبلغاريا لن تستطيع توفير بديل في الأجل القصير للغاز الروسي ، وإذا توفر فلن يكون بأسعار معقولة، ما يؤدي عملياً إلى القفز بمعدلات التضخم وارتفاع الأسعار إلى مستوى شديد الضرر على المواطنين في أوروبا . فضلا عن ذلك فإن الخيارات امام روسيا افضل على هذا الصعيد نظرا لعضويتها في مجموعة بريكس للاقتصادات الصاعدة والتي تضم أيضا البرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا، إذ يستهدف هذا التجمع زيادة التعاملات الاقتصادية والتجارية بين أعضائه، وبالنظر إلى وجود أزمة الطاقة لدى الدول الصاعدة فسيكون من السهل على روسيا تسويق نفطها وغازها .
وعلى صعيد التشابكات المالية فإن روسيا تستحوذ على احتياطي من الذهب والنقد الأجنبي وغير ذلك من أصول عالية السيولة موجودة لدى المصرف المركزي الروسي . فقد سجَّل احتياطي البنك المركزي الروسي عام 2022 حوالى 643.2 مليار دولار ما يعادل نحو 17 شهراً من عائدات الصادرات الروسية . كما عملت روسيا منذ سنوات على تقليص تأثير الدولار على الاقتصاد الروسي ، ففي العام 2013، كانت روسيا تبادل 95% من صادراتها إلى البرازيل والهند وجنوب أفريقيا والصين بالدولار ، أما في العام 2021، فقد انخفض الى 10% فقط ، كما راكمت كمّيات من الذهب تبلغ قيمتها 134.87 مليار دولار، أو 20% من إجمالي الاحتياطيات، بعد أن كان لديها مليارا دولار فقط من الذهب في العام 1995 . وإلى جانب ذلك بدأت روسيا في خفض حجم استثماراتها في سندات دين الدولة الأميركية من 96 مليار دولار لتصل في آذار 2020 إلى 3,85 مليار دولار . وبالنسبة للدين الخارجي لروسيا تبدو الصورة واضحة لصالح الاقتصاد الروسي ، حيث بلغ عام 2021 نحو 453.7 مليار دولار أميركي ، أي أقل من 20% من الناتج المحلي الإجمالي
وفي محاولة لدعم الروبل، الذي تعرض لضغوط هائلة مقابل العملات الأخرى فقد أعلنت روسيا بيع النفط الروسي بالعملة المحلية في محاولة للالتفاف على العقوبات المالية الغربية وإجبار دول الغرب على التعامل مع المصرف المركزي الروسي الذي فرضت عليه عقوبات . وكانت تلك الخطوة ضرورية ساعدت على تعزيز سعر صرف الروبل مقابل الدولار وتعويض بعض الخسائر التي تعرض لها روسيا بفعل العقوبات الاقتصادية .
وهكذا تبدو سياسة العقوبات الاقتصادية سياسة عقيمة ، فهي لم تنجح في اكثر من مكان بدءا من كوبا مرورا بفنزويلا وإيران وصولا الى روسيا الاتحادية ، وهي في المجمل يمكنها ان تبطئ التحول في ميزان القوى العالمي ولكنها لن تساعد على إدامة الهيمنة الاقتصادية والسياسية الأميركية على القرار الدولي، لأن مثل هذه السياسة لا تقود إلا إلى مزيد من التمرد على القرارات الأميركية الأحادية والى كشف عجز القوة الأميركية ومأزق الإمبريالية الأميركية التي لم تعد قادرة على الاحتفاظ بتربعها على عرش العالم والتحكم بمصيره .