مع اقتراب انتهاء العام 2022، تُكثف سلطات الاحتلال الإسرائيلي من إقرار مشاريعها الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة ومحيطها، تمهيدًا لتنفيذها على أرض الواقع، خلال العام 2032 المقبل، في محاولة لتعزيز الاستيطان، وتجزئة الأحياء الفلسطينية في المدينة إلى “كانتونات” معزولة.
وتعِد بلدية مستوطنة “معاليه أدوميم”، ووزارة البناء والإسكان الإسرائيلية خطة لتعبيد شارع استيطاني جديد يبدأ من مفترق طرق مستوطنة “ميشور أدوميم” شرقي القدس، والمنطقة الصناعية في قرية الخان الأحمر، ويمر عبر بلدة حزما ومستوطنة “موديعين”، وصولًا إلى تجمع “غوش دان” بمركز الأراضي المحتلة عام 1948.
وبحسب “أسبوعية كول هعير” العبرية، فإن رئيس بلدية “معاليه أدوميم” بني كسرائيل، التقى الأسبوع الماضي مع إدارة وزارة البناء والإسكان، وشرعا بالإعداد لتعبيد الشارع الجديد، ومن المتوقع المصادقة على مخططاته في النصف الأول من العام المقبل.
وسيربط الشارع الجديد بين “ميشور أدوميم” شرق القدس، وشارع “٤٣٣”، ومن ثم مستوطنة “موديعين”، الواقعة على الطريق الواصل بين القدس و”تل أبيب”، وبين تجمع “غوش دان”، دون الحاجة للدخول إلى وسط مدينة القدس.
تعزيز الاستيطان
الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن سلطات الاحتلال تُسارع الخطي لأجل المصادقة على عشرات المشاريع الاستيطانية والتهويدية في مدينة القدس، تمهيدًا لتنفيذها خلال العام المقبل، خاصة في ظل الحكومة اليمينية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو.
ويوضح أبو دياب، في حديث لوكالة “صفا”، أن بلدية “معاليه أدوميم” ووزارة البناء والإسكان الإسرائيلية تعملان على إعداد خطة لإقامة شارع استيطاني جديد يبدأ في مرحلته الأولى، من مستوطنات شرقي القدس، وصولًا إلى مناطق الساحل الفلسطيني في الداخل المحتل “غوش دان”.
ويضيف أن الشارع الجديد يهدف إلى ربط الأراضي المحتلة عام 1948 مع الأراضي عام 1967، وشطب ما يسمى بـ”الخط الأخضر” الفاصل بينهما، ولتعزيز وتكثيف الاستيطان، خاصة أن هذه المناطق يتواجد فيها عدد كبير من المستوطنات.
ويعمل الاحتلال- وفقًا لأبو دياب- على ضم هذه المناطق وربطها مع مدينة القدس والداخل المحتل، عبر مزيد من مشاريع الاستيطان والتهويد، والشوارع الالتفافية.
ويرتكز الشارع على مسار شارع “٤٣٧” في بلدة حزما، ويمر عبر شارع حزما- جبع أي مستوطنة (آدم)، ويرتبط بشارع “60”، وشارع “443” غربيّ القدس، من أجل إيجاد شارع بدون إشارات ضوئية يصل إلى “غوش دان”.
ويبين أبو دياب أن الشارع الاستيطاني يبلغ طوله 75 كيلو متر، وسيقضم آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية في المناطق المستهدفة، وخاصة في منطقة (E1) شرقي القدس، بالإضافة إلى حزما وعناتا والعيسوية في مرحلة أخرى.
ويشير إلى أن سلطات الاحتلال وضعت يدها على عشرات الدونمات من الأراضي، تمهيدًا لتنفيذ المشروع خلال العام المقبل، وخصصت أيضًا 120 مليون شيكل لتنفيذه.
ويلفت إلى أنه سيتم ربط كل المدن الواقعة في مسار الشارع، بغية تسهيل حركة وصول المستوطنين من الداخل المحتل و”غوش دان” إلى مستوطنات شرقي القدس، وجلب المزيد منهم إليها.
طرد وضم فعلي
ومن شأن تنفيذ المشروع، طرد وتهجير تجمعات فلسطينية بدوية شرقي القدس، وربط وضم منطقة (C) فعليًا للمستوطنات الواقعة شرق المدينة، وفرض سياسة الأمر الواقع، وفق الباحث المقدسي
ويتابع “من الواضح أن الاحتلال بدأ بإخراج مشاريعه الاستيطانية للعلن، تمهيدًا لتنفيذها على الأرض، في محاولة لتغيير الواقع بالقدس، وفرض الضم الكامل للضفة الغربية، عبر البدء بتهيئة البنية التحتية والشوارع والطرق، وصولًا لاستكمال مشروعه الاستيطاني من ميشور أدوميم إلى منطقة البحر الميت، وصولًا للحدود الأردنية الفلسطينية”.
ويؤكد أبو دياب أن الاحتلال يسعى إلى فرض الرؤية الإسرائيلية على الضفة الغربية، من أجل قتل الحلم الفلسطيني بإمكانية إقامة أي دولة فلسطينية مستقبلًا.
ويوضح أن بعض المشاريع الاستيطانية تأتي كجزء من الخطة الخمسية التي وضعتها حكومة نتنياهو سابقًا، وتم تجميدها في فترة ما، نتيجة الضغط الدولي والأمريكي.
ويحذر الباحث في شؤون القدس، من مخاطر تلك المشاريع على القدس، ومحيطها، ومحاولات الاحتلال لفرض وقائع جديدة على الأرض، وفصل الأحياء والمناطق الفلسطينية عن بعضها البعض، من أجل تثبت الوجود الإسرائيلي في المدينة.
رنا شمعة – صفا