اقتحم آلاف المستوطنين، أمس الإثنين، جبل صبيح في بلدة بيتا، جنوب نابلس، شمالي الضفة الغربية، يتقدمهم وزراء وأعضاء في الكنيست الإسرائيلي، خلال ما يصفونها مسيرة نحو البؤرة الاستيطانية “إفياتار”.
وشارك نحو 17 ألف مستوطن اليوم، الإثنين، في المسيرة، تقدمهم سبعة وزراء إسرائيليين على أقل وأكثر من 20 عضو كنيست، بينهم وزير المالية، يتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير.
كما شارك في المسيرة وزيرة المهام القومية، أوريت ستروك، ووزير تطوير النقب والجليل، يتسحاق فاسرلاف، ووزير التراث (اليهودي) عميحاي إلياهو، ووزير الخدمات الدينية، ميخائيل مالكئيلي، والوزيرة في مكتب رئيس الحكومة، ماي غولان.
يأتي ذلك علما بأن الحكومات الإسرائيلية تصف هذه البؤرة الاستيطانية بأنها “غير قانونية” ويمنع المستوطنون من التواجد فيها بشكل دائم. وأفادت هيئة البث الإسرائيلية (“كان 11”) بأن معظم المشاركين في المسيرة وصلوا إلى قمة جبل صبيح.
وأغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي مقاطع طرق وشددت إجراءاتها الأمنية على حاجز زعترة في نابلس لتسهيل وصول المستوطنين إلى البؤرة الاستيطانية.
وانتشرت قوات الاحتلال في المنطقة لتأمين وصول المستوطنين، وخصصت قيادة جيش الاحتلال في الضفة الغربية كتيبة عسكرية لتأمين المسيرة.
وتحركت المسيرة من الحاجز العسكري المقام بالقرب من قرية زعترة في محيط نابلس، وسارت نحو جبل صبيح في بلدة بيتا، لدعوة الحكومة لفتح البؤرة الاستيطانية التي سبق للمحكمة العليا الإسرائيلية أن أقرت إزالتها.
وفي رسالة فيديو من المسيرة، قال وزير الأمن القومي، بن غفير، إنه “نحن هنا لنقول إن الشعب الإسرائيلي قوي”، معتبرا أن مشاركة وزراء بمثابة “رسالة مهمة”.
وخلال المسيرة، قال رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية بالضفة، يوسي دغان، “وصول الجماهير اليوم دليل على أن شعب إسرائيل يريد أفيتار ويريد الصهيونية”.
وأضاف: “معا نسير الآن ونقول: لن نتنازل أبدا عن أرض إسرائيل، فمن الممكن ومن الضروري التغلب على نقاط الضعف والتأخير، ومن الممكن ومن الضروري الاستيطان في أرضنا الأبدية”.
وأكد الهلال الأحمر الفلسطينيي، في بيان، أن طواقمه تعاملت بمواجهات جبل صبيح مع حالة سقوط، تمّ نقلها إلى مركز طبي لتلقي العلاج، و115 حالة اختناق بالغاز السام المسيل للدموع، تمّت معالجتها ميدانيًا، بالإضافة إلى 6 إصابات بالمطاط والاعتداء.
وطالب المستوطنون بشرعنة هذه البؤرة الاستيطانية والإعلان عنها كمستوطنة. وفي وقت سابق اليوم، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن قسما من المستوطنين سيبقون في موقع “إفياتار”، بهدف “فرض واقع على الأرض”.
وأقيمت البؤرة الاستيطانية “إفياتار” في العام 2013. ورغم أن جيش الاحتلال أعلن أنه يعارض إقامتها وأخلى مستوطنين منها، إلا أنه سمح لهم بالعودة إليها عدة مرات لفترات قصيرة.
واستشهد سبعة فلسطينيين بنيران قوات الاحتلال خلال مواجهات أعقبت استيلاء المستوطنين على الأراضي التي أقاموا فيها هذه البؤرة الاستيطانية.
وفي تموز/يوليو 2021، أبرمت الحكومة الإسرائيلية اتفاقا مع المستوطنين، يقضي بإخلاء هذه البؤرة الاستيطانية إلى حين فحص “الوضع القانوني للأراضي” وأنه سيكون بإمكان المستوطنين العودة إليها إذا تبين أنها “أراضي دولة”، أي أراضي صادرها الاحتلال. وانتهى الفحص في نهاية العام 2021، لكن لم يعلن عن المكان أبدا أنه بالإمكان الاستيطان فيه. وأعلن وزير الأمن الإسرائيلي حينها، بيني غانتس، أن “إفياتار أقيمت بالإثم ولن تقام مجددا”.
ويعتبر قادة المستوطنين أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، لن يوافق على إقامة مستوطنة “إفياتار”. وقالت المستوطنة دانييلا فايس، التي تقود إقامة البؤر الاستيطانية العشوائية، إن “نتنياهو يخاف من الرئيس بايدن”، وأن وزير الأمن الحالي، يزآف غالانت، “ليس واحدا منا”. واعتبرت أن “هذا اختبار للحكومة الجديدة. وسنعلم قريبا إذا كانت مستعدة لإقامة مستوطنات جديدة أم أنها تخلت عن المنطقة كي يقيم الفلسطينيون فيها بلداتهم”.
وقال الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، إن “اجتياح مليشيات المستوطنين بقيادة وزراء من حكومة الاحتلال الإسرائيلي، لأراضي دولة فلسطين، لا يغير من حقيقة أنها أرض فلسطينية وستبقى كذلك، وأن هذا الاجتياح الذي يأتي بقوة السلاح لا ينشئ حقا”.
وأضاف أبو ردينة أن هذا “الاجتياح الفاشي من المتطرفين اليهود، والذي يترافق مع القتل اليومي لأبناء شعبنا، وكان آخره استشهاد الطفل محمد فايز نبهان (15 عاما)، واقتحام المسجد الأقصى المبارك، يدفع بالأمور نحو الانفجار، الذي لن يستطيع أحد السيطرة عليه إطلاقا”.
وحمل سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسؤولية هذه الاعتداءات الخطيرة والاستفزازات المتصاعدة، والتي تؤكد سعي إسرائيل إلى جر المنطقة إلى مربع العنف والاضطرابات.
وشدد على أن “الاستيطان جميعه غير شرعي على أرض دولة فلسطين، وأن كل هذه الجرائم والاعتداءات لن تشرعنه، وسيكون مصيره إلى زوال، كما الاحتلال”.
وأكد الناطق الرسمي باسم الرئاسة، أن “صمت الإدارة الأميركية، شجع الاحتلال على تماديه بجرائمه بحق شعبنا، داعيا إلى تدخل فوري وسريع لإيقاف هذا الجنون الذي ستدفع المنطقة جميعها ثمنه”.