محمد بلاص:
ارتفع عدد الشهداء الذين ارتقوا جراء الهجوم البري والجوي الذي تشنه قوات الاحتلال على مخيم جنين، لليوم الثاني على التوالي، إلى 12 شهيداً، علاوة على ارتفاع عدد الجرحى إلى أكثر من 140 جريحا بينها نحو 30 إصابة حرجة.
فيما أكد مقاومون أنهم خاضوا اشتباكات مسلحة وصفوها بالشرسة مع جنود الاحتلال في مواقع كثيرة من نقطة الصفر وتمكنوا من إيقاع إصابات في صفوف جيش الاحتلال الذي واصل شن غارات جوية وإطلاق صواريخ وتدمير البنى التحتية في المخيم.
فقد استشهد، مساء امس، مواطن، إثر مواجهات مع قوات الاحتلال بالقرب من دوار السينما في مدينة جنين.
وأفادت مصادر طبية، باستشهاد المواطن جواد مجاهد نعيرات (22 عاما) من بلدة ميثلون، إثر إصابته برصاصة بالرأس، ما يرفع عدد شهداء العدوان على جنين ومخيمها إلى 12 شهيدا .
وأفادت مصادر محلية بأن مواجهات تدور في عدة أحياء من مدينة جنين، وبأن قوات الاحتلال عززت من تواجدها العسكري في المدينة وتسيّر عشرات الدوريات في شوارعها وسط مواجهات عنيفة.
وأكد شهود عيان أن طائرة مسيرة أطلقت صاروخا باتجاه المقبرة الشرقية بالمدينة.
وفي وقت سابق من امس، أفادت وزارة الصحة في بيانات منفصلة، باستشهاد الشاب عبد الرحمن حسن حردان (22 عاما)، من قرية فحمة، والشاب عدي إبراهيم خمايسة من بلدة اليامون، والفتى مصطفى نضال القاسم (17 عاما) من مخيم جنين، ووقوع المزيد من الإصابات.
وقالت الوزارة، إن الشاب حردان استشهد متأثراً بجروحه التي أصيب بها بالرأس، بينما قال ضابط الإسعاف طاهر الصانوري، إن الشهيد القاسم أصيب بعدد كبير من الرصاصات في الصدر والبطن والساقين واليدين، وحاولت قوات الاحتلال بداية احتجاز جثمانه، لكنها عادت وقررت السماح لطاقم الإسعاف التابع لجمعية الهلال الأحمر باستلامه بعد ساعات. لافتا إلى أن الشاب خمايسة عثر عليه صباحا في منطقة شارع حيفا بالمدينة مصاباً برصاص الاحتلال.
الغزو في يومه الثاني
تواصل العدوان على مدينة جنين ومخيمها لليوم الثاني على التوالي مخلفاً 12 شهيدا منهم أربعة أطفال، إلى جانب إصابة أكثر من 140 مواطنا وصفت إصابات 30 منهم بحال الخطر الشديد.
واتسم العدوان في يومه الثاني بتفتيش البيوت من بيت إلى بيت أمام اصطدام القوات الخاصة بمجموعات من المقاومين ممن خاضوا اشتباكات مسلحة وصفت بالعنيفة، واضطرت خلالها قوات الاحتلال إلى الاستعانة بطائرات الاستطلاع في إطلاق الصواريخ والصواريخ المضادة للدروع والأفراد.
وأكد شهود عيان أن قوات الاحتلال ووحدات النخبة قامت بالتنقل بين منازل المواطنين من خلال حفر أحدثتها بالجدران، وذلك خشية وقوع جنودها في كمائن وعبوات ناسفة.
وكانت قوات الاحتلال دفعت، فجرا، بمزيد من تعزيزاتها العسكرية إلى المخيم المحاصر من كل الجهات، وسط اشتباكات مسلحة وصفت بأنها عنيفة مع المقاومين ممن اشتبكوا مع جنود الاحتلال رغم التحليق المكثف لطائرات الاحتلال المروحية والمسيّرة والتي لم تفارق سماء المحافظة، وامتدت الاشتباكات إلى المدينة.
وفي ساعات ما بعد الظهر، سمع دوي انفجارات في حارة الحواشين وحي الدمج في المخيم، فيما تجددت الاشتباكات المسلحة مع المقاومين على مداخل المخيم، وتصاعدت ألسنة النيران وأعمدة الدخان من المنازل التي يستهدفها الاحتلال بصواريخ الطائرات المسيّرة.
وأكد الدفاع المدني في جنين أن طواقمه تمكنت من إخماد النيران التي اندلعت في ثلاثة منازل ومطعم في المخيم بعد تعرضها للقصف بصواريخ طائرات مسيّرة.
ومساء أمس، أصيب ثلاثة مواطنين، جراء إطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحي صوب مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان الحكومي في جنين.
وأفادت وزارة الصحة، في بيان مقتضب، بأن ثلاثة مواطنين أصيبوا برصاص الاحتلال داخل ساحة مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان، اثنان منهم جروحهما خطيرة.
وفي السياق ذاته، اقتحمت قوات الاحتلال ساحة مستشفى ابن سينا في مدينة جنين.
تعطيل ثلاجة الموتى في المستشفى الحكومي
وجرى نقل جثامين الشهداء من مستشفى جنين الحكومي إلى ثلاجات في بلدتي قباطية وعرابة، وذلك بسبب تعطل ثلاجة الموتى في المستشفى الحكومي، وبسبب الخشية من ازدياد أعداد الشهداء في ظل الانقطاع المتكرر للكهرباء، وانهيار سور قريب من الثلاجة جراء الاستهداف الإسرائيلي.
وأفادت المصادر الطبية بأن من بين الشهداء العشرة أربعة أطفال تقل أعمارهم عن 18 عاما، والشهداء إلى جانب الشهيدين خمايسة والقاسم، سميح فراس أبو الوفا (20 عاما)، وحسام محمد أبو ذيبة (18 عاما)، وأوس هاني حنون (19 عاما)، ونور الدين حسام مرشود (16 عاما)، ومحمد مهند الشامي (23 عاما)، وأحمد محمد العامر (21 عاما)، ومجدي يونس عرعراوي (17 عاما)، وعلي هاني الغول (17 عاما).
واستهدفت قوات الاحتلال طواقم الإسعاف والمواطنين والصحافيين في محيط المستشفى الحكومي ومستشفى “الأمل” التابع لجمعية أصدقاء المريض الخيرية، ما أدى إلى إصابة العشرات بحالات الاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.
تعزيزات إضافية
ودفعت قوات الاحتلال بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى داخل المخيم ومحيطه والمدينة تقدر بـ 150 آلية عسكرية ترافقها جرافات مدرعة من نوع “D9″، وقطعت الطرق التي تربط بين المدينة والمخيم، واستولت على عدد من المنازل والبنايات المطلة على المخيم، ونشرت فرق قناصتها فوق أسطحها، وقطعت التيار الكهربائي عن المخيم وعدة أحياء في المدينة.
وقال شهود عيان، إن قوات الاحتلال حاصرت المخيم من جميع الجهات، ومنعت مركبات الإسعاف من الدخول لنقل المصابين، وتعمدت جرافاتها إلحاق المزيد من الأضرار الجسيمة بممتلكات المواطنين وتدمير العديد من المركبات، وتجريف طرق رئيسة مؤدية إلى المخيم، وأخرى فرعية في محيطه، ما أعاق وصول مركبات الإسعاف إلى بعض المنازل لإخلاء المصابين، فيما أرغمت قوات الاحتلال مئات المواطنين من أهالي المخيم على مغادرته تحت تهديدهم بقصف منازلهم، بعد أن طالبتهم عبر مكبرات الصوت بإخلاء المنازل.
بيانات “كتيبة جنين”
وأكدت “كتيبة جنين” التابعة لـ”سرايا القدس” الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي في بيان صحافي، أن مقاتليها شنوا سلسلة هجمات على قوات وآليات الاحتلال على محوري الحواشين والدمج واستهدفوها بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات المتفجرة.
وهاجم مقاتلو الكتيبة، وفق البيان، قوات الاحتلال على محور الدمج بعد إفشال تقدمها، واستهدفوها بصليات كثيفة من الرصاص.
وقالت “كتيبة جنين”، إن وحدة الهندسة التابعة لها فجرت عدداً من العبوات في تمركز لآليات الاحتلال على مدخل المخيم، فيما استهدف مقاتلوها بصليات كثيفة من الرصاص تمركزات لقوات وآليات الاحتلال على مدخل المخيم.
وذكرت في بيان آخر، أن مقاتليها رصدوا محاولة تسلل فاشلة على محور الدمج لقوات إسرائيلية خاصة تمكنوا من إيقاعها بكمين واستهدافها بصليات كثيفة من الرصاص والقنابل اليدوية بشكل مباشر.
الاحتلال يزعم: لا مدنيين بين القتلى
بدوره، أفاد المتحدث بلسان جيش الاحتلال داني هاجري، في مؤتمر صحافي، “بتوجيه من جهاز (الشاباك) أنهينا عملية إزالة العبوات الناسفة من الشوارع، ونفذنا 20 غارة جوية حتى الآن، وقتلنا عشرة مسلحين”.
وادعى أنه لا يوجد مدنيون بين القتلى، فيما أقر بإصابة أكثر من 100 شخص، واعتقال 120 مطلوبا، وبقاء 40 مطلوبا يجري الجيش عمليات بحث عنهم.
وفي وقت لاحق، قال جيش الاحتلال، إنه وبعد مرور 48 ساعة على اقتحام مخيم جنين، لا يستبعد احتمال هروب المسلحين من المخيم تحت حماية السكان، وربما حتى في سيارات الإسعاف.
وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال، “خرجت نحو 3000 عائلة من سكان المخيم، ليلة أمس، وسمح الجيش لها بالمغادرة ولم يجبرها، ولكن قد يكون هناك مسلحون استغلوا هذه النقطة وفروا من المخيم”.
ونشرت قوات الاحتلال مقاطع فيديو تدعي اكتشاف أنفاق داخل مسجد في مخيم جنين، والعثور على عتاد عسكري، فيما نفت مصادر محلية صحة الفيديو الذي نشره جيش الاحتلال معتبرين أنه يحتوي على تضليل سياسي.
ونقل موقع “واللا” العبري، عن مسؤول أمني إسرائيلي لم يسمه قوله، إن الجيش لم يتخذ بعد قراره بإنهاء الحملة العسكرية في مدينة جنين ومخيمها، وإنه يواصل تعزيز إنجازاته، مضيفا، “قوات الجيش تستعد لاقتحامات إضافية لمواقع المقاومين”.
وأورد على لسان المسؤول الإسرائيلي قوله، إن قوات الجيش واصلت أعمال البحث عن أسلحة ومتفجرات في جنين، الليلة قبل الماضية، وتواصل الانتشار في محيط مخيمها، وتستعد لاقتحامات إضافية لمواقع المقاومين، مشيرا إلى أنه ليس لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية نية لإطالة أمد العملية العسكرية لعدة أيام إضافية.
وبحسب رواية الاحتلال، كما نقلها الموقع، عثرت قوات الاحتلال على ثلاثة مختبرات متفجرات في مخيم جنين تحتوي على حوالي 300 عبوة ناسفة وقذيفة صاروخية بدائية الصنع وسراديب داخل مسجد، فيما حقق الاحتلال مع أكثر من 100 مواطن وهاجم نحو 20 هدفا في جميع أنحاء المخيم، ودمر في الساعات الأخيرة عدة غرف لإدارة المقاومة في أنحاء المخيم ومختبرا آخر احتوى على مئات العبوات الناسفة.
وحدّد جيش الاحتلال عدة أهداف للحملة العسكرية، ووافق عليها المستوى السياسي، من بينها ضرب قواعد المقاومة وإنهاء دور جنين كحاضنة للمقاومة وإعادة الاستقرار إلى المنطقة، عقب العمليات التي نفذها فلسطينيون خرجوا من جنين وشمال الضفة الغربية ضد مستوطنين وأهداف إسرائيلية.
وذكر موقع “واللا”، أن صورة الوضع التي عرضتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية على رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تشير إلى وجود المزيد من الأهداف التي يرغب جيش الاحتلال وجهاز “الشاباك” بالوصول إليها في جنين ومخيمها.