ردت المحكمة العليا الإسرائيلية، الأربعاء، التماسا يطالب بإخلاء معهد لتدريس التوراة في البؤرة الاستيطانية العشوائية “حوميش” شمالي الضفة الغربية، وذلك في قرار يتلاءم مع موقف الحكومة الإسرائيلية في أعقاب نقل المعهد الديني إلى موقع جديد وقريب من الموقع الأول للبؤرة الاستيطانية، بشكل غير قانوني حتى بالنسبة لقوانين الاحتلال.
واتخذت العليا الإسرائيلية قرارها بهذا الشأن، قبل موعد الجلسة المقررة لمناقشة الالتماس بهذا الشأن والتي كانت مقررة يوم غد، الخميس. وأكد القضاة أن الطرق المؤدية إلى الموقع الجديد تمر أيضًا عبر أرض فلسطينية خاصة، إلا أن هذه المسألة، بحسب المحكمة، “لم تكن في صميم الالتماس ولم تشكل أساسا لقرار بإصدار أمر مشروط في هذه القضية”.
وفي أيار/ مايو الماضي، أعاد المستوطنون بناء مدرسة دينية في مستوطنة “حوميش”، وهي إحدى المستوطنات الأربع التي تقع شمالي الضفة الغربية، وجرى إخلاؤها في عام 2005، ضمن تطبيق خطة “فك الارتباط” عن قطاع غزة المحاصر، وذلك بموافقة وزير الأمن، يوآف غالانت، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش.
وجاء ذلك ضمن مساعي المستوطنين لإعادة بناء مستوطنة “حوميش”، في الضفة الغربية، وفرض أمر واقع، بعدما ألغى الكنيست القانون الذي على أساسه نفذت خطة “فك الارتباط”، والتي في إطارها تم إخلاء أربع مستوطنات في شمال الضفة، بالإضافة إلى إخلاء جميع مستوطنات قطاع غزة وسحب جيش الاحتلال من القطاع.
واعتمدت المحكمة في قرارها على المزاعم التي قدمتها الحكومة بأنها ستعمل على شرعنة وتسوية الأوضاع القانونية لمعهد لتدريس التوراة في “حوميش” وذلك في أعقاب نقلها “بدون تصريح” من أرض فلسطينية خاصة، إلى ما تزعم سلطات الاحتلال الإسرائيلي أنه “أراضي دولة” تابعة للمجلس الاستيطاني “شومرون”.
وجاء في قرار المحكمة أن “المجلس الاستيطاني ‘شومرون‘ أعطي سلطة تخطيط وتنظيم المنطقة، وتم تقديم برنامج لخطة بهذا الخصوص إلى مكتب التخطيط تمهيدا للمصادقة على المعهد التوراتي وتسوية أموره القانونية، وادعت الدولة أنه “لا يوجد أي عائق أمام أصحاب الأراضي الخاصة (من الفلسطينيين) للوصول إلى أراضيهم، مع مراعاة وجود طرق وصول قائمة منذ عقود، بعضها يمر عبر أراض خاصة”.
وكان قرار المحكمة العليا متوقعًا، خصوصا بعد أن أعطى غالانت أوامر وتوجيهات تتعارض مع القانون بالسماح بإعادة إقامة المدرسة الدينية في حوميش من دون الحصول على تصريح بناء في موقع جديد، لتوفير حل للالتماس الذي قدمه الفلسطينيون إلى المحكمة العليا، وذلك في محاولة لتمكين المستوطنين من العودة إلى حوميش دون الدخول في مواجهة مع الإدارة الأميركية التي تعارض ذلك كونها مقامة على أراض فلسطينية خاصة.
واعتبر قضاة المحكمة العليا أن لمقدمي الالتماس الحق في تقديم التماس ضد الموقع الجديد لمعهد تدريس التوراة في “حوميش”، بدون تصاريح بناء كما يقتضي القانون، ولكن شددوا على أن الموقع الجديد للمعهد يعتبر مقاما على “أراضي دولة”.
وجاء في القرار أن “جوهر الالتماس يدور حول حقيقة أن مباني المعهد الديني في حوميش قد بُنيت على أرض فلسطينية خاصة، ولكن بعد نقل المباني في أيار/ مايو إلى أراضي دولة قريبة فإن البناء غير القانوني على الأراضي الخاصة تمت إزالته بالفعل”.
وحول مرور الطريق المؤدية إلى البؤرة الاستيطانية من أراضٍ فلسطينية خاصة، جاء في القرار أنه “صحيح أن الطريق الموصلة إلى البؤرة الاستيطانية تمر من أرضٍ خاصة، ولا يزال هنالك وجود عسكري على الأرض الخاصة، ولكن ليست هذه القضايا الرئيسية التي وردت في الالتماس”.
وكان غالانت قد أمر قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، يهودا فوكس، بالتوقيع على مرسوم يسمح بعودة المستوطنين إلى “حوميش”، في خطوة مهدت لإعادة بناء المدرسة الدينية، وهدفت إلى قطع الطريق على الفلسطينيين الذين دشنت المدرسة على أراضيهم والذين قدموا التماسا للمحكمة الإسرائيلية العليا يطالبون فيه بتمكينهم من الوصول إلى حقولهم.
واعتبر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، المتطرف إيتمار بن غفير، تدشين المدرسة الدينية في حوميش “لحظة تاريخية مثيرة ترمز إلى الانتقال من حكومة التدمير إلى حكومة بناء وتطوير إسرائيل بأكملها”. وعزا بن غفير في تغريدة على “تويتر” هذا “الإنجاز” إلى النائبة عن حزبه ليمور سون هار ميلخ، التي بادرت إلى تقديم مشروع قانون لتعديل قانون “فك الارتباط”.
وكانت منظمة “ييش دين” الحقوقية الإسرائيلية، التي قدمت الالتماس باسم أصحاب الأراضي الفلسطينيين الذين دشنت المدرسة الدينية على أراضيهم، قد اعتبرت قرار غالانت بمثابة “مكافأة وتشجيع للمجرمين وتجاوز للقانون الدولي”.