طلب كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، أمس، من المحكمة إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية.
كما أعلن سعيه لإصدار أوامر اعتقال بحق ثلاثة من قادة حركة حماس هم إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة ومحمد ضيف قائد جناحها العسكري ويحيى السنوار رئيس الحركة في قطاع غزة بتهم ارتكاب جرائم حرب من خلال أحداث 7 أكتوبر.
وإذا أصدرت المحكمة أوامر الاعتقال سيكون على نتنياهو وغالانت التفكير أكثر من مرة قبل أن تطأ أقدامهما أراضي أي من 124 دولة وقعت على نظام روما المؤسس للمحكمة الجنائية خوف اعتقالهما.
ولم يغلق خان الباب أمام إمكانية طلب إصدار المزيد من مذكرات الاعتقال ضد مسؤولين سياسيين وعسكريين وجنود في المستقبل.
وقال خان في بيان وصل “الأيام”، “لن يتردد مكتبي في تقديم المزيد من طلبات إصدار أوامر القبض إذا ارتأينا استيفاء الحد الأدنى لإمكانية الإدانة استيفاءً واقعيا”.
وأضاف، “ليس لجندي من المشاة أو لقائد أو لزعيم مدني – أو لأي شخص – أن يفلت من العقاب على تصرفاته”.
وكان خان قال في حديث لـ”الأيام” مطلع كانون الأول الماضي، إنه ماضٍ في بناء قضية يمكن أن تصمد وتنجح أمام قضاة المحكمة بشأن الحالة في فلسطين، رافضاً الأقوال، إن تأخير تقديمه القضية ناتج عن خوف.
وأوضح خان في بيانه، أمس، أنه “مع الأخذ في الاعتبار بالأدلة التي تم جمعها وفحصها من قبل مكتبه، لديه سبب وجيه للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت يتحملان المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على أراضي دولة فلسطين (في قطاع غزة) وهي: تجويع المدنيين عمداً كأسلوب من أساليب الحرب باعتباره جريمة حرب، والتسبب عمدا في معاناة شديدة أو إلحاق ضرر جسيم بالجسم أو الصحة، والمعاملة القاسية باعتبارها جريمة حرب، والقتل العمد، أو القتل باعتباره جريمة حرب، تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين باعتبارها جريمة حرب، والإبادة و/أو القتل كجريمة ضد الإنسانية، بما في ذلك ما يتعلق بتجويع المدنيين المؤدي إلى الوفاة، كجريمة ضد الإنسانية، والاضطهاد باعتباره جريمة ضد الإنسانية، والأفعال اللاإنسانية الأخرى التي تعتبر جريمة ضد الإنسانية.
وأكد مكتب المدعي العام، أن الأدلة التي جمعها، بما في ذلك المقابلات مع الضحايا والشهود المباشرين، والوثائق الصوتية والمرئية الموثقة، وصور الأقمار الصناعية، والتصريحات التي أدلى بها أعضاء المجموعة التي يُزعم أنها ارتكبت هذه الجرائم، تثبت أن إسرائيل ارتكبت عمدا وبشكل منهجي حرمان المدنيين في كامل أراضي غزة من وسائل العيش الضرورية لبقائهم على قيد الحياة.
وأشار إلى فرض الاحتلال حصارا كاملا على غزة، من خلال الحظر الكامل للوصول إلى المعابر الحدودية الثلاثة: رفح، وكرم أبو سالم، وبيت حانون “إيريز” اعتبارا من 8 تشرين الأول لفترات طويلة، ثم تقييد إيصال الإمدادات الأساسية بشكل تعسفي – مثل الغذاء والمستلزمات الطبية، وإغلاق خطوط المياه التي تربط إسرائيل بغزة – المصدر الرئيسي لمياه الشرب لمواطني غزة – لفترة ممتدة، اعتبارا من 9 أكتوبر 2023، وانقطاع إمدادات الكهرباء وعرقلة هذا الإمداد اعتبارا من 8 أكتوبر 2023 على الأقل حتى اليوم.
وأكد مكتب المدعي العام أن هذه الأعمال كانت جزءا من خطة مشتركة لتجويع المدنيين عمدا، كوسيلة من وسائل الحرب واللجوء إلى أعمال عنف أخرى ضد المواطنين المدنيين في غزة.
وشدد على أن استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، إلى جانب الهجمات الأخرى والعقاب الجماعي المطبق على المدنيين في غزة، أدت إلى تداعيات حادة وواضحة ومعروفة. وقد أكدها العديد من الشهود الذين قابلهم مكتب الدعي العام، بمن في ذلك أطباء من غزة وأطباء أجانب.
وأوضح خان، أنه منذ العام الماضي، أكد مراراً وتكراراً في رام الله والقاهرة وإسرائيل ورفح أنه “بموجب القانون الإنساني الدولي، يتعين على إسرائيل أن تتحرك بشكل عاجل لتمكين إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة”.
وأكد أن استخدام المجاعة كوسيلة من وسائل الحرب وعرقلة المساعدات الإنسانية يشكلان انتهاكا لأحكام نظام روما الأساسي.
وأكد خان أن الطلبات المقدمة لإصدار مذكرات توقيف، هي تتويج لتحقيق أجراه مكتبه باستقلال وحياد كاملين.
وقال، نظرا إلى التزامنا بالتحقيق مع كل من الادعاء والدفاع، فقد عملنا بدقة على فصل الادعاءات عن الحقائق وتقديم استنتاجاتنا بطريقة متوازنة، بناءً على الأدلة المقدمة إلينا.
وشدد على أنه لا يمكن لأي دولة أن تتهرب من المعايير التي ينص عليها القانون الدولي وقانون النزاعات المسلحة.
وقال، “لا يمكن لأي جندي، ولا قائد، أن يتصرف دون عقاب. ولا شيء يمكن أن يبرر حرمان البشر عمداً، بمن في ذلك العديد من النساء والأطفال، من السلع الأساسية لبقائهم”.
وبين خان أن القضاة المستقلين في المحكمة الجنائية الدولية هم الوحيدون الذين يمكنهم تحديد إذا ما كانت الشروط مستوفاة لإصدار أوامر الاعتقال، إذا وافقوا على طلباتي وأصدروا أوامر الاعتقال، فسأعمل على إلقاء القبض على الأفراد المعنيين.
وفي البيان بحق قادة من حركة حماس قال خان، إن هنية والضيف والسنوار يتحملون المسؤولية الجنائية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التالية: الإبادة والقتل العمد وأخذ الرهائن، والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، والتعذيب، والمعاملة القاسية، والاعتداء على كرامة الشخص.
وقال، ندفع بأن الجرائم ضد الإنسانية التي وُجِّه الاتهام بها قد ارتكبتها “حماس” وجماعات مسلحة أخرى في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد السكان المدنيين في إسرائيل عملا بسياسات التنظيم. وبعض هذه الجرائم مستمرة، في تقديرنا، إلى يومنا هذا.
ودعا خان للإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
وقال خان، “اليوم، أكثر من أي وقت مضى، يجب علينا أن نثبت بشكل جماعي أن القانون الإنساني الدولي، الذي يملي المعايير التي يجب احترامها في أوقات الحرب، ينطبق بشكل محايد على جميع أطراف النزاع المسلح في جميع الحالات المعروضة علينا وعلى المحكمة. وبهذه الطريقة، سنكون قادرين على إثبات أن حياة البشر جميعا متساوية”.