محمد بلاص:
لم يشفع للطلبة الأطفال من مدرسة عرب الكعابنة الأساسية المختلطة “التحدي” في تجمع عرب المليحات البدوية شمال غربي أريحا، صراخهم ولا حتى بكاؤهم عندما كانوا هدفاً لاعتداء غير مسبوق من قبل مجموعة من المستوطنين المتطرفين هاجموا المدرسة مسلحين بالعصي، واعتدوا على طلبتها وأعضاء هيئتَيها التدريسية والإدارية فيما وصفه مدير التربية والتعليم في أريحا، أمجد الخضيري، بأنه تطور خطير وغير مسبوق من نوعه على صعيد الاعتداءات الاستيطانية.
وبحسب روايات أهالي الطلبة، فإن هجوم المستوطنين تم قبل وقت قصير من موعد خروج الطلبة إلى فسحتهم الصباحية اليومية، حيث وجدوا أنفسهم في مواجهة مباشرة مع المستوطنين ممن أخذوا يحطمون كل شيء كان في طريقهم، ويعتدون بالضرب على الطلبة وأعضاء هيئتَي التدريس والإدارة.
وتصنف وزارة التربية والتعليم مدرسة عرب الكعابنة الأساسية المختلطة، والتي يبلغ عدد طلبتها نحو 100 طالب وطالبة، على أنها واحدة من مدارس التحدي التي أنشأتها الوزارة في عشرات التجمعات السكانية المستهدفة باعتداءات جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين وتفتقر للمدارس.
ووفق المواطن جمال سليمان مليحات، وهو والد اثنين من طلبة المدرسة، فإن المستوطنين سيطروا على المدرسة وتعمدوا إرهاب الطلبة ممن لجأ المعلمون إلى إغلاق أبواب الغرف الصفية التي كانوا بداخلها؛ خشية تعرض المزيد منهم لاعتداءات المستوطنين ممن كانوا يصولون ويجولون ويعربدون داخل المدرسة دون حسيب أو رقيب، وحاولوا خلع بعض أبواب الغرف الصفية، واعتدوا على عدد من المتضامنين ممن سارعوا بالتوجه إلى المدرسة لمساندة طلبتها وهيئتيها الإدارية والتدريسية.
ولجأ المستوطنون، وفقاً لما وثقته مقاطع الفيديو المصورة داخل المدرسة، إلى الاعتداء بالضرب على مدير المدرسة قبل سحله خارج أسوارها أمام أعين التلاميذ ممن كانوا عاجزين عن فعل أي شيء سوى البكاء والصراخ من شدة الخوف.
وأكدت الشهادات، من داخل المدرسة، أن قوات الاحتلال حضرت إلى المدرسة في وقت لاحق، وسارعت إلى اعتقال مدير المدرسة وأحد أولياء أمور الطلبة، ونقلتهما إلى جهة مجهولة، وتركت المستوطنين يواصلون اعتداءهم الذي قال الخضيري: إنه كان اعتداء غير مسبوق من نوعه على المدرسة بطلبتها وأعضاء هيئتيها الإدارية والتدريسية من حيث المستوى والنوعية، وتسبب بإرهاب الطلبة وجميعهم من الأطفال، مشيراً إلى أنه تم نقل ثلاث معلمات إلى جانب أحد أولياء أمور الطلبة إلى مستشفى أريحا الحكومي لتلقي العلاج جراء تعرضهم لاعتداء المستوطنين.
وأكد المشرف العام لمنظمة “البيدر” للدفاع عن حقوق البدو، حسن مليحات، أن ذات المدرسة تعرضت لاعتداءات سابقة من قبل المستوطنين شملت تهديدات بالقتل وإلقاء دمى ملطخة بالدماء أمام أبوابها.
وخلال السنوات الأخيرة، قال مواطنون من عرب الكعابنة: إنه تم تزويد المدرسة بعدة كرفانات جاهزة تبرع بها الاتحاد الأوروبي، وجرى تنفيذ أعمال تطوير فيها بما يمكنها من أن تكون بيئة صالحة للتعليم.
واعتبر المواطن علي الكعابنة، استهداف المدرسة بأنه خطوة نحو تهجير السكان بالكامل، حيث قال: إن فكرة إنشاء مدرسة لبدو المعرجات كانت تصب بالأساس في تخفيف معاناة أبنائهم خاصة الأطفال منهم في ظل وجود التجمع في منطقة معزولة.
وأضاف الكعابنة: “قبل إنشاء المدرسة، كان أبناؤنا يضطرون إلى التوجه إلى مدرسة بلدة العوجا عبر وسائل بدائية تحديداً على الدواب، وكان هذا أمراً مرهقاً لهم ويستنزف وقتهم وجهدهم، وجاءت فكرة المدرسة بإمكانياتها البسيطة بهدف الحد من مأساة الطلبة وتشجيعهم على الدراسة، وهذا بدوره لم يرق للاحتلال”.
عن صحيفة الايام الفلسطينية