الرئيسية / ملف الاستيطان والجدار / الاستيطان الرعوي.. الأداة التنفيذية لأحلام التوسع الإسرائيلية
Houses are seen in the Israeli settlement of Givat Zeev (bottom) with the Palestinian city of Ramallah in the backgraund, in the occupied West Bank, December 29, 2016. REUTERS/Baz Ratner

الاستيطان الرعوي.. الأداة التنفيذية لأحلام التوسع الإسرائيلية

سهيل خلف/القدس دوت كوم

معتز بشارات: كل منظومة الاحتلال من شرطة وجيش وسلطة طبيعة تعمل لخدمة المستوطنين

رائد موقدي: البؤر الرعوية هي اليد اليمنى للاستيطان والقاعدة الأساسية للتهويد والأسرلة

سهيل خليلية: المستوطنون استولوا خلال السنوات الأربع الأخيرة على ٣٠٠ ألف دونم

سهيل سليمان: ليست عشوائية بل جزء من مشروع يُنفذ على مدى سنوات طويلة

منذ احتلت إسرائيل ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية عام 1967 وضعت نصب عينيها الاستيلاء على الأرض وتفريغها من سكانها الفلسطينيين، خاصة في الأغوار على طول الحدود الشرقية حيث المساحات الشاسعة من الأراضي، والموارد الطبيعية اللازمة للتنمية الزراعية، لا سيما المياه الوفيرة والحرارة المرتفعة والمراعي الواسعة.

وبالرغم من المجهود الكبير الذي بذلته إسرائيل لبناء وتوسعة المستوطنات في الضفة الغربية، بقيت وتيرة التوسع الاستيطاني بطيئة ولا تلبي رغبات اليمين الإسرائيلي المتطرف وصاحب القوة المتعاظمة في المجتمع الإسرائيلي، لضم مناطق (ج) ووأد أي فرصة لإقامة دولة فلسطينية.

وفي السنوات الأخيرة، توصلت إسرائيل لوصفة سحرية تساعدها في الاستيلاء على مساحات أوسع من الأرض في أقصر مدة ممكنة، وبتكاليف منخفضة نسبيا، وتتمثل هذه الوصفة فيما بات يعرف بـ”الاستيطان الرعوي”، الذي من خلاله استولت في سنوات معدودة على مساحات من الأرض تزيد عما استولت عليه في نصف قرن منذ احتلال الضفة.

ويرى باحثون ومختصون في مواجهة الاستيطان التقتهم “ے” أن هذا الشكل من الاستيطان هو الأخطر والأشد شراسة على الإطلاق، ولا بد من وجود خطة وطنية عملية وواضحة المعالم لمواجهة هذا الشكل وغيره من الاستيطان قبل فوات الأوان.

تهجير 28 تجمعاً سكانياً بفعل الاستيطان الرعوي

ويبين معتز بشارات، مسؤول ملف الاستيطان في محافظة طوباس والأغوار الشمالية، أن الاستيطان الرعوي هو الذي بات يسيطر على الأرض في الأغوار، وبسببه تم تهجير 28 تجمعا سكانياً فلسطينياً.

وقال إن مجموع ما سيطر عليه الاحتلال منذ عام 1968 في الأغوار هو 28 ألف دونم، في حين سيطر مستوطن واحد على مساحة مماثلة خلال أيام معدودة وأصبحت الأراضي تحت سيطرة المستوطنين من تلال وجبال وينابيع مياه.

ولفت بشارات إلى أنه سابقا كانت المستوطنة تسيطر على 3-4 آلاف دونم، لكن في ظل الاستيطان الرعوي يسيطر مستوطن واحد على مساحة تتراوح بين 12-18 ألف دونم.

وكمثال على ذلك، أقام مستوطن واحد بؤرة استيطانية رعوية في منطقة الحمة بالأغوار، تسيطر الآن على أكثر من 28 ألف دونم.

وأشار إلى أن المستوطنين يتبنون قانونا جديدا هو: أينما تصل بقرتك أو معولك فهو لك، ولهذا فهو يسيطر على الأرض ويغلقها أمام الفلسطينيين، ويقوم باعتقال أي مواطن يدخل للمنطقة من خلال استدعاء شرطة الاحتلال أو شرطة مجلس المستوطنات وجلّها من المستوطنين.

وأوضح أن هناك 7 بؤر رعوية جديدة في الأغوار، آخرها في أراضي تجمع أم الجمال الفلسطيني، والذي حاول الاحتلال بكل الوسائل تهجيره ولم يستطع بسبب المتابعة القانونية لمنع هدمه، لكن تم ترحيل التجمع قبل شهر ونصف بسبب إقامة بؤرة استيطانية داخل التجمع وما صاحبها من اعتداءات وعربدة المستوطنين التي أفقدت السكان عنصر الأمن على حياتهم، ومنعهم من الرعي وإغلاق المنطقة بالكامل.

وحول واقع الاستيطان في الأغوار أشار بشارات إلى أن الأغوار تشكل 28.5% من مساحة الضفة، وهي الجزء الغني بالثروات وسلة فلسطين الغذائية وفيما ثاني أهم حوض مائي، وقد سيطر الاحتلال على معظم هذه الأراضي تحت مسميات واهية.

وأوضح أن هناك 6 بؤر استيطانية و8 معسكرات للجيش تسيطر على 186 ألف دونم في الأغوار الشمالية، تسيطر على 186 ألف دونم بأوامر عسكرية تحت مسمى “مناطق عسكرية مغلقة” و”مناطق تدريب للجيش”، ويمنع على المواطن دخولها ويتم مصادرة أي مركبة تدخل إليها، وأقاموا بها الخنادق ودمروا الأراضي بالجرافات والدبابات وحرقوا المحاصيل.

وهناك 75 ألف دونماً في الأغوار معلنة محميات طبيعية وتسيطر عليها سلطة الطبيعة الإسرائيلية، وتُغلق في وجه المزارعين الفلسطينيين، ويتم مصادرة المواشي إذا دخلت إليها وتفرض غرامات مالية باهظة على أصحابها.

ويؤكد بشارات أن كل مكونات الاحتلال، من شرطة وسلطة طبيعة وجيش، تعمل ضمن منظومة المستوطنين وعصاباتهم، وهناك 5-6 أشخاص هم من يعطون التعليمات للشرطة والجيش ولعصابات المستوطنين في الأغوار الشمالية، وخلال دقائق يتم استدعاء جيش من عصابات المستوطنين والاعتداء على المزارعين وممتلكاتهم.

وقال إن سلطة الطبيعة سلمت هذه الأراضي للمستوطنين، ويقومون بربط هذه المستوطنات وإنشاء بؤر بينها لإقامة مدينة استيطانية كبيرة.

وأكد أنه لا يوجد أي مصدر للمياه بيد الفلسطينيين بعد سيطرة الاحتلال على جميع الينابيع بالكامل في الأغوار الشمالية، ويحتاج المواطن إلى قطع مسافات طويلة للحصول على المياه وبتكلفة عالية جدا.

ويطالب بشارات بوضع برنامج وطني حقيقي قابل للتطبيق على الأرض، من أجل تعزيز صمود المواطنين ووضع الآليات اللازمة لذلك.

قاعدة أساسية للتهويد بدأت منذ 4 أعوام

بدوره، قال رائد موقدي، الباحث في قضايا الأراضي والاستيطان في مركز أبحاث الأراضي، أن الاستيطان الرعوي هو فكرة بدأت جذورها قبل 4 أعوام من خلال منظمة استيطانية مدعومة ماليا من الحكومة الإسرائيلية والأحزاب اليمينية وهي حركة عنصرية هدفها السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية، خاصة الأراضي التي تقع بين الجبال والتجمعات السكانية، والنيل من الأراضي الرعوية التي كان يستفيد منها رعاة الأغنام.

ويصف موقدي البؤر الرعوية بـ”اليد اليمنى” للاستيطان في الضفة الغربية، والقاعدة الأساسية التي يراهن عليها الاحتلال لتهويد ما تبقى من أراضي الضفة.

وأوضح أن هذه البؤر تنتشر على نطاق واسع في الأرياف الفلسطينية، خاصة في الأغوار الشمالية والأغوار بشكل عام، والمناطق الشفاغورية في بادية رام الله وبادية القدس وأجزاء من بادية الخليل.

وأشار إلى الأساليب التي ينتهجها المستوطنون في البؤر الرعوية ومنها الاعتداء على المزارعين ومربي الأغنام، وتسييج مساحات شاسعة من الأراضي للسيطرة على الأراضي وتهجير سكانها.

وشرح موقدي الفرق بين المستوطنات العادية والرعوية، مبينا أن المستوطنات العادية عبارة عن أجسام وضعها الاحتلال بهدف الاستيلاء على الأراضي، وهي تخضع لمجالس إقليمية منظمة ولمخططات تنظيمية وأنظمة خاصة بها، في حين أن البؤر التي تحيط بهذه المستوطنات تعتبر وسيلة لتوسعة تلك المستوطنات وبسط نفوذها.

وأوضح أن المستوطنات هي عبارة عن حلقات تتواجد بين التجمعات السكانية الفلسطينية في الأرياف والأغوار، وهذه البؤر تعتبر وسيلة لربط هذه الحلقات مع بعضها لتشكيل جسم واحد مستقبلا، بحيث يكون هذا الجسم قادرا على الاستيلاء على ما تبقى من الأرض الفلسطينية وتهجير ما تبقى من فلسطينيين، وكذلك بسط النفوذ على الأراضي التي لا يستطيع الفلسطينيون الوصول إليها نتيجة مضايقات المستوطنين، وهو ما يمهد لتهويد هذه الأراضي وإنشاء تكتل استيطاني ضخم عليها والتغيير في التوزيع الديمغرافي للسكان، وهو ما سيكون له تبعات سلبية من حيث الوجود السكاني الفلسطيني والسيطرة على الموارد الطبيعية والحصص المائية في الضفة.

وحول واقع الاستيطان في محافظة سلفيت، أوضح موقدي أن خطورة الاستيطان فيها لا تقل عما يجري في الأغوار، فمقابل 19 تجمعا سكانيا فلسطينيا في سلفيت هناك 23 مستوطنة جاثمة على أراضيها، بالإضافة إلى 3 بؤر رعوية على أراضي بلدات كفر الديك وياسوف ودير استيا.

البؤر الرعوية في سلفيت تقوم على خلق ترابط لتشكيل تكتل استيطاني واحد

وقال إن البؤر الرعوية في سلفيت تقوم على خلق ترابط بين تلك المستوطنات لتشكيل تكتل استيطاني واحد، يمتد من “عيلي زهاف” غرب المحافظة، وحتى مستوطنة “تفوح” شرقا.

وبين أن خطورة الاستيطان في سلفيت متعددة الجوانب، فمن ناحية أصبحت أراضي المحافظة مشتتة ولا يوجد تواصل جغرافي بين القرى وهو محفوف بالمخاطر بسبب وجود مستوطنات أو بؤر أو طرق استيطانية.

وأضاف أن سلفيت التي كانت المحافظة الأولى في إنتاج زيت الزيتون، تراجعت حاليا، وهناك 1800 دونم لم يستطع أصحابها الوصول إليها لقطف الزيتون هذا العام بسبب قربها من المستوطنات، وحتى الأراضي التي يدعي الاحتلال أنه أعطى تصاريح للعمل فيها لم يتمكن المزارعون من الوصول إليها بسبب اعتداءات المستوطنين.

وحتى المصادر الطبيعية والأثرية والتاريخية في سلفيت، سرقها المستوطنون ونقلوها للمستوطنات وأعادوا بناءها داخل المستوطنات لإعطاء صفة تاريخية مزورة للمستوطنات.

وبالإضافة إلى ذلك، تشهد أراضي المحافظة شق طرق رابطة بين المستوطنات، والمناطق التي يتم فيها شق الطرق لا يستطيع المزارع الفلسطيني الوصول إليها بحجة أنها مناطق ذات بعد أمني، وبالتالي لا يستطيع التواجد فيها أو فلاحتها أو استثمارها، وهذا ما سيعرض القطاع الزراعي للخطر الشديد.

ولفت إلى أن الاحتلال كثف من عمليات الهدم والإخطارات في سلفيت، في مؤشر على أن الاحتلال يعمل لمنع أي تواجد فلسطيني في منطقة (ج)، وبالمقابل هناك هجمة استيطانية شرسة جدا من خلال خلق بؤر استيطانية وطرق رابطة وبنية تحتية تمهد نحو تشكيل تكتل استيطاني ضخم وكبير على أراضي المحافظة.

ويأتي ذلك تنفيذا لمؤتمر “هرتزل” بإنشاء منطقة تسمى “أصابع أرئيل”، وهي عبارة عن تكتل استيطاني كبير جدا تفوق مساحته مساحة القرى والتجمعات السكنية الفلسطينية، وفي المقابل هذا التجمع سيكون مربوطا مع إسرائيل وسيسعى الاحتلال لتطبيق القانون الإسرائيلي عليه بعد فترة قصيرة، وبالتالي تهويد كامل لأراضي المحافظة وتحويلها إلى محافظة منكوبة يفتقر سكانها لأدنى مقومات الحياة من بنية تحتية والحق في السكن.

ويرى موقدي أنه يجب وضع خطة من شقين؛ الأول دعم المزارع والمنتوج الزراعي من خلال خطة عملية قابلة للتطبيق، والثاني التركيز على البعد القانوني والمتابعة القانونية لمواجهة عمليات الهدم وتخصيص ميزانية جديدة لهيئة مواجهة الاستيطان لتعيين محامين إضافيين.

الاستيطان الرعوي أسلوب مستحدَث

وأكد سهيل خليلية، الباحث المختص في شؤون الاستيطان، أن الاستيطان الرعوي هو أسلوب جديد مستحدث من قبل المشروع الاستيطاني للاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأرض.

وقال خليلية إن المستوطنات العادية بدأت ونمت من خلال أنظمة وقوانين إسرائيلية مخالفة للقانون الدولي، وأخذت ميزانيات ضمن الأنظمة والقوانين، وكانت عملية نموها بطيئة، وخلال الفترة منذ عام 67 لم يستطع الاحتلال إلا بناء هذا القدر من المستوطنات على مساحة 200 ألف دونم، لكن منذ أن بدأت البؤر الزراعية والدينية والسياحية وآخرها وأشدها شراسة البؤر الرعوية، استولى المستوطنون خلال السنوات الأربع الاخيرة على مساحة تزيد عن 300 ألف دونم، وهناك إمكانية لتتوسع إلى 400-450 ألف دونم.

وأوضح أن هذه البؤر تأخذ المساحة التي تريد، وتتمتع بالحصانة من مجلس المستوطنات ومن مختلف الوزارات ومن الإدارة المدنية.

وأكد أن لبّ المشروع الاستيطاني هو الاستيلاء على أكبر مساحة ممكنة من الأراضي، تطبيقا لتوجيهات “أبو البؤر الاستيطانية” رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرئيل شارون عندما قال للمستوطنين عام 1998 “يجب عليكم الذهاب والاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي لأن ما نتملكه اليوم سيبقى معنا، وما لا نستطيع امتلاكه سنضطر لإرجاعه للفلسطينيين”.

ولفت إلى أن الاحتلال يستغل أوضاع ملكيات الأراضي في المناطق المسماة (ج) لأنها ما زالت قيد البحث وأغلبها ملكيات بأسماء أشخاص توفوا منذ زمن.

السلطة الفلسطينية لم تستطع إتمام إجراءات تسجيل الأراضي في (ج)

وأشار إلى أن السلطة الفلسطينية لم تستطع إتمام إجراءات تسجيل الأراضي في المناطق (ج)، ويحاول الاحتلال السيطرة على أكبر قدر من الأراضي لكي يحدد هو شكل أي مفاوضات قد تجري في المستقبل.

وشدد على أن المستوطنين يستولون على الأراضي بشكل مخالف حتى للقوانين الإسرائيلية، مستفيدين من وجود أشخاص مثل سموتريتش الذي أخذ كل صلاحيات الإدارة المدنية للقفز على شرعة البؤر الاستيطانية وهو يستطيع توفير الميزانيات اللازمة لهذه البؤر ومدها بكل ما تحتاجه من بنية تحتية، وهذا كله بتشجيع من الحكومة.

ويرى خليلية أن مرحلة جديدة نعيشها اليوم وهي تطوير للمشروع الاستيطاني، وقال: “نرى في هذه الفترة استيطانا غير مسبوق، وعمليات مصادرة الأراضي التي بلغت أوجها خلال العام الحالي لم يسبق لها مثيل منذ 20 عاما”.

وحول تأثير هذا الشكل من الاستيطان على التنمية الريفية، بين خليلية أنه قبل الاحتلال كانت الأغوار منطقة مفعمة بالحياة، يعيش فيها 250 ألف نسمة، أما الآن لا يزيد عدد سكانها عن 70 ألف نسمة لأن الاحتلال سيطر على مصادر المياه، وتحكم في حركة المواطنين، وبالتالي أنهى الحياة الزراعية الريفية في تلك المنطقة وبدأ الكثير من سكانها يرحلون للمناطق القريبة وإلى مراكز المدن.

وأضاف أنه قبل عام 67 كان 75% من المجتمع الفلسطيني يعتمد على الزراعة، أما الآن فلا يزيدون عن 6% لأن الاحتلال سيطر على المصادر المائية والأراضي الزراعية.

الهدف من ضرب الحياة الريفية

وأكد أن الهدف من ضرب الحياة الريفية هو دفع أكبر قدر من الأجيال لهجرة المناطق الريفية إلى المناطق المدنية، حتى يسهل الاستيلاء على الأراضي.

وقال إن هناك مخططا لدى حكومات الاحتلال المتعاقبة لإقامة دولة للمستوطنين في الضفة، ويتم وضع القواعد لها منذ سنوات عبر تشكيل شبكة طرق التفافية والاستيلاء على أكبر مساحة من الأراضي والاستيلاء على المصادر الطبيعية، وفصل المناطق الفلسطينية وتقسيمها جغرافيا.

وبيّن أن الاحتلال يرسم واقعا سياسيا جغرافيا مفاده بناء دولة للمستوطنين في قلب التجمعات الفلسطينية، وهذا يهدف لخلق نزاع على ملكية الأرضي لإظهاره بأنه نزاع بين مدنيين فلسطينيين وإسرائيليين، ولهذا أنشأ الاحتلال جيشا مسلحا وفصل المناطق الفلسطينية وعزلها من خلال المعابر والحواجز، وبدأ بتكوين  جغرافيا سياسية جديدة في الضفة سيكون لها انعكاسات في المستقبل لأنها ستؤدي لحرب لا تقل بشاعة عما يجري في قطاع غزة، لأن الاحتلال سيعطي كل الفرصة للمستوطنين للاستفراد بالموارد الطبيعية الفلسطينية وتقسيم الضفة والاستيلاء على الأراضي، وبالتالي خلق واقع جغرافي جديد، ولهذا يتم تفريغ المناطق الريفية بشكل ممنهج ومنظم حتى يتسنى لهم تنفيذ هذا المخطط.

وأكد ضرورة العمل من أجل حماية الأغوار، لأنها فعليا هي ما تبقى للفلسطينيين من مساحة يمكن البناء عليها ووضع الأسس للدولة الفلسطينية.

البؤر الرعوية ليست عشوائية ولا عفوية

من جانبه، يرفض سهيل السلمان، الناشط المختص في قضايا الاستيطان، وصف البؤر الرعوية بالبؤر العشوائية، فلا يوجد شيء عشوائي وعفوي في التحركات الاستيطانية، وأي عملية تجريف مهما كانت بسيطة تعني أنها جزء من مشروع قد ينفذ الآن أو بعد سنوات.

وقال السلمان إن المستوطنين ركزوا في الآونة الأخيرة على 3 أنواع من الاستيطان؛ الأول إقامة أصابع استيطانية من خلال بناء سلاسل بشرية استيطانية عمرانية متصلة تقسم الضفة الغربية إلى أجزاء، مثل “إصبع ارئيل” الذي يمتد من كفر قاسم في الداخل ثم مستوطنة “أورانيت” قرب سلفيت وانتهاء بغور الأردن، وهذه السلسلة تفصل شمال الضفة عن جنوبها.

أما النوع الثاني، فهو تحويل الأراضي التي تم وضع اليد عليها كمناطق عسكرية إلى “أراضي دولة”، وهذه الأراضي -حسب القانون الدولي- يفترض أن تعود لأصحابها في حال انتهاء الحاجة العسكرية.

وتبلغ مساحة هذه الأراضي أكثر من مليون دونم، بنسبة 18% من مساحة الضفة، وبعد 7 أكتوبر تم نقل 24 ألف دونم عبر 7 أوامر عسكرية وتحويلها من مواقع عسكرية إلى أراضي دولة.

ويتمثل النوع الثالث في التوجه نحو الاستيطان الرعوي، وذلك لعدة أسباب أخطرها سرعة وسهولة الاستيلاء على الأرض، وهو أكثر جدوى ولا يترتب عليه احتجاجات، وهذه الوظيفة الأساسية التي وجد الاستيطان الرعوي من أجلها.

وأكد أن هذا الاستيطان غير عشوائي، وإنما هو مخطط، ويندرج ضمن مشروعهم لضم أكبر قدر ممكن من الأرض في مناطق (ج) وأجزاء من مناطق (ب) وحشر الفلسطينيين في تجمعات سكانية منفصلة.

ويعتبر أن الاستيطان الرعوي هو أسرع طريقة للسيطرة على أكبر مساحة من الأرض، وهذا تطبيق حرفي لصفقة القرن.

ورغم قتامة المشهد، يرى السلمان أننا نملك أن نفعل الكثير لمواجهة الاستيطان الرعوي، ولكن ذلك يحتاج إلى إرادة سياسية لوضع نهاية للانقسام الذي أضعف الموقف الفلسطيني، وعدم الاستهانة بمركزية القضية الفلسطينية والتي برزت بعد 7 أكتوبر.

ويضيف أن شعبنا أفشل الكثير من المشاريع الخطيرة على مدى العقود الماضية، ويمكن مواجهة الاحتلال من خلال تبني خطة وطنية عنوانها الأساسي تعزيز الصمود على الأرض.

وقال: “لا بد من خطة وطنية لإيصال المياه للمزارع في الأغوار بأي طريقة، بدعم من السلطة حتى لو على حساب أي شيء آخر”.

وأكد أن المطلوب هو توفير متطلبات المعيشة لسكان الأغوار، من رياض أطفال ومراكز صحية، مضيفا: “نحن بحاجة إلى خطة شاملة لتحويل الأغوار من بيئة طاردة إلى بيئة جاذبة للمواطنين”.

عن nbprs

شاهد أيضاً

فرانشيسكا ألبانيز: إسرائيل تشن حملة ممنهجة للتهجير القسري والإبادة في غزة والضفة

قدمت المقررة الأممية الخاصة بفلسطين، فرانشيسكا ألبانيز، تقريرًا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، يوم الإثنين، …