الرئيسية / ملف الاستيطان والجدار / تقرير هآرتس: عدوان انتقامي وحشي مشترك شنه الجنود والمستوطنين على قرية جنبا في مسافر يطا

تقرير هآرتس: عدوان انتقامي وحشي مشترك شنه الجنود والمستوطنين على قرية جنبا في مسافر يطا

كتب الصحفي نير حسون، في تقريره المنشور اليوم الاثنين في صحيفة “هآرتس” عن اعتداء المستوطنين وجيش الاحتلال على قرية جنبا في مسافر يطا، لفهم ما جرى في قرية جنبا الواقعة في منطقة مسافر يطّا نهاية الأسبوع الماضي، تكفي نظرة إلى لوحة رسمها الفتى جعفر رُبَاعي، أحد أبناء القرية. اللوحة بعنوان “مستوطنون يتنكرون كجنود”، وتُظهر ستة رجال مسلحين، بسمات تشير إلى أنهم مستوطنون. طفل ينزف من رأسه مُلقى على الأرض، وآخر ممدد تحت بندقية أحد “الجنود”، وآخر يمنع سيارة إسعاف من التقدّم، وآخر يلوّح بعصا بينما يحمل بندقية في اليد الأخرى. “رسمٌ يلخّص أحداث عطلة نهاية الأسبوع، التي بدأت باعتداء مزعوم على راعٍ يهودي، وانتهت بحملة انتقام وحشية شنّها مستوطنون وجنود إسرائيليون، حتى بات من الصعب التمييز بينهم”.

وأضاف التقرير: “في مدرسة القرية الصغيرة ما زال التاريخ على اللوح: الأربعاء، 26 رمضان. لكنها لم تسلم من الهجوم. جنود الجيش اقتحموا الأبواب بمطارق حديدية، ودمّروا عشرات الطاولات والكراسي. في أحد الصفوف انتزعوا العلم الفلسطيني وأحرقوه وسط الفصل. حطّموا نوافذ المدرسة، وكسروا مكبر الصوت الذي يُستخدم للجرس. ثم توجهوا إلى العيادة الصغيرة المجاورة التي يعمل فيها طبيب من “أطباء بلا حدود” مرة أسبوعيًا، فكسّروا أثاثها، المغسلة، وحتى مبرد المياه”.

وقرية جنبا من بين القرى الأكثر عزلة في مسافر يطّا – منطقة تتعرض فيها القرى الفلسطينية لهجمات متواصلة من الجيش والمستوطنين في مسعى مُعلن لاقتلاع السكان. معظم بيوت القرية تضمّ مغارات تُستخدم للسكن أو التخزين. السكان يعتاشون على الزراعة والرعي.

وأوضح التقرير أن سلسلة الأحداث بدأت يوم الجمعة، حين نشر مستوطنون بيانًا جاء فيه: “راعٍ يهودي تعرض لهجوم من مخربين من قرية جنبا ضربوه بالعصي وأصابوه”. أرفقوا صورتين له بدماء على ملابسه ويديه. لكن في اليوم التالي، ظهر في فيديو صوّره أهالي القرية وهو يقترب بدراجته من راعيين فلسطينيين ويعتدي على أحدهم. لا يُعرف ما الذي جرى لاحقًا، وإن كان قد أصيب بأيدي الراعي أو شخص آخر جاء للدفاع عنه، لكن الواضح أنه لم يكن “راعٍ بريء”. رغم ذلك، بدأ الردّ الانتقامي فورًا.

هاجم حوالي 15 مستوطنًا ملثّمًا القرية، حاملين العصي. في أول بيت دخلوا إليه، انهال أربعة منهم على الفتى أحمد العَموُر (15 عامًا) ضربًا حتى سقط مضرجًا بدمائه. ثم هاجموا والده، عزيز (64 عامًا)، وضربوه بما يُعتقد أنه قضيب حديدي، مما سبب له كسورًا في الجمجمة. كما أصيب ابنه الآخر قُصَي بكسر في ذراعه. بقع الدم لا تزال مرئية في باحة البيت، وعلى أرضية المغارة حيث جُرح الوالد.

ليلى أبو يونس، جارة العائلة، قالت: “سمعت الصراخ وركضت إليهم، رأيت نحو 15 مستوطنًا ملثّمًا يهاجمون الطفل. كنا خائفين من الاقتراب. رأينا جنودًا من بعيد وصرخنا: ’إنهم يقتلونه! أحضروا إسعافًا!‘. أحد المستوطنين رمى حجرًا باتجاهي، والجنود لم يتدخلوا. كان الطفل ينزف من أذنه وفمه. أخوه المصاب قال لي: ’خالة، احكي معه، لا تخليه ينام، لا تخليه يموت‘”.

بينما كان الجرحى يتلوون في دمائهم، بدأ الجنود والمستوطنون مرحلة جديدة من العقاب: أمروا جميع الرجال، وعددهم 22، بالتجمع قرب المسجد. كبلوهم وعصبوا أعينهم، وكان أصغرهم فتى في يبلغ من العمر 15 عامًا. نُقلوا إلى قاعدة عسكرية، وأحد المركبات التي استخدمت كانت تعود لمستوطن معروف في المنطقة.

عيسى أبو يونس، زوج ليلى، أوقفه الجنود في طريقه من المراعي. قال بعد الإفراج عنه: “وضعونا في حفرة رملية، مقيّدين ومعصوبي الأعين. بعد ساعتين أخذونا إلى تحقيق في كريات أربع. صمنا اليوم كله، لم يُعطونا ماء سوى زجاجة واحدة لـ22 شخصًا. في الساعة 11 مساءً فقط أحضروا زجاجة أخرى”. الشرطة قالت إنها اعتقلت “22 مشتبهًا شاركوا في الهجوم على الراعي”، لكن بحلول منتصف الليل أُطلق سراح 15 منهم، وتم تمديد اعتقال الباقين حتى الثلاثاء.

وفي الليلة نفسها، بينما كان النساء والأطفال ينامون في بيت ليلى لحمايتهم، عاد الجنود. طرْقٌ عنيف على الباب. تقول ليلى: “لم أتمكن حتى من إضاءة النور، فُتح الباب، أمرونا بالخروج إلى البرد، جلسنا على الأرض وأيدينا فوق رؤوسنا، ثم بدأوا بكسر كل شيء”. تقديرات السكان تشير إلى أن أكثر من 100 جندي شاركوا في الهجوم الليلي. دخلوا مجموعات صغيرة، حاملين مطارق وزنها 5 كغ، وفتشوا كل البيوت، محطّمين الممتلكات ومخازن الغذاء.

في غرفة النساء والأطفال اقتلعوا المدفأة، قلبوا الخزانة وسكبوا الرماد على الأغطية. وجدوا 300 شيكل و100 دينار، مزّقوها وألقوها أرضًا. في مغارة الطعام سكبوا كميات من الطحين، والسكر، والملح، والأرز، والزيت، والسمن، واللبن. رشقوا الأغطية فوقها. حطموا مخزن أعلاف المواشي، وأطلقوا الحملان. تقول ليلى: “ذهبت لأقول لهم إن هذه المواشي لنا، فأشهر أحد الجنود بندقيته في وجهي وقال لي: ابتعدي”. خمسة من الحملان فُقدت أو سُرقت أو دُهست.

في بيوت أخرى كُسرت الشاشات، الكاميرات، الأجهزة اللوحية الخاصة بتعليم الأطفال، البرادات، وأي شيء يمكن تدميره. قال أحد السكان إن ضابطًا قال له: “أمس كنتم تظنون أنفسكم أقوياء، اليوم نريكم من الأقوى”.

تروي واحدة من السكان: “كان عندنا مهد لطفلة عمرها أربعة أشهر، سألني جندي: ما هذا؟ قلت له حفيدتي، فصرخ ليرعبها. ابنتي (19 عامًا) ارتجفت من الخوف، وجهها اصفرّ”. محمود أحمد قال: “أخذوا الجبن، سفكوا الطحين والدواء، خلطوا كل شيء. حتى السماد والمبيدات سكبوه على علف المواشي. كنا خارج البيت مع طفلنا ابن خمسة أشهر ولم يسمحوا لي حتى بأخذ غطاء له”.

غادر الجنود القرية في الصباح، ولم يتمكن السكان من تناول السحور الأخير لرمضان.

جيش الاحتلال قال إن العملية كانت “نشاطًا مخططًا للبحث عن وسائل قتالية”، ووعد بأن قائد الكتيبة سيفحص إن كانت هناك “تجاوزات”. لكن أهالي جنبا يرونها فصلًا آخر من حملة اضطهاد تُمارس عليهم من قبل المستوطنين المسلحين، وكثير منهم مجنّد ضمن كتائب الحماية المحلية التابعة للجيش. نحو 5,500 مستوطن جُنّدوا بهذه الطريقة منذ بدء الحرب، ما جعل من مسافر يطّا نموذجًا صارخًا للتعاون العنيف بين المستوطنين والجيش.

في اليوم الأول من عيد الفطر، تقول نساء جنبا إنها المرة الأولى في حياتهن التي لم يُحضّرن فيها كعك العيد. أحد الرجال جلب المكونات، لكن لم تكن هناك روح للعيد. “الخوف كبير. أطفالنا يقولون إنهم لا يريدون هذه الحياة. لكننا لن نستسلم”، قالت إحداهن.

عن nbprs

شاهد أيضاً

الاحتلال يهدم منشآت سكنية في الأغوار الشمالية

هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، منشآت سكنية لمواطن ونجله في الأغوار الشمالية. وقالت مصادر …