محمد أبو خضير
اقتحام المسجد الأقصى: 256 مستوطناً و4 من سلطة الآثار تحت حماية الاحتلال ودعوات للتصدي
جماعات الهيكل المتطرفة تنشر صورة متخيلة لإقامة المذبح مكان قبة السلسلة ولإقامة طقوس تقديم القربان الحيواني عليه
محافظة القدس أن المسجد الأقصى سيبقى إسلامياً خالصاً، مهما بلغت جرائم المتطرفين ومهما اشتدت محاولات التزوير
شهد المسجد الأقصى المبارك أمس اقتحاماً واسعاً من قبل 256 مستوطناً و4 من موظفي سلطة الآثار الإسرائيلية، وذلك تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال والقوات الخاصة. يأتي هذا الاقتحام في ظل تصاعد الدعوات للحشد والرباط من قبل المرجعيات الدينية والوطنية، في مواجهة تصعيد جماعات الهيكل المزعوم خلال ما يسمى “عيد الفصح” العبري.
تزامن الاقتحام مع تصريحات وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن جفير، الذي أعلن عن استئناف الاقتحامات الاستيطانية للمسجد الأقصى بعد عيد الفطر. كما قامت جماعات الهيكل بنشر صورة متخيلة تُظهر الوزير وهو يحمل قرباناً حيوياً داخل المسجد الأقصى، في محاولة لتأجيج مشاعر جمهورها الديني.
وفي إطار هذه التحركات، أطلق نشطاء من جماعات الهيكل حملة لتهريب القربان الحيواني إلى المسجد الأقصى، في محاولة لبناء زخم ديني استعداداً للاقتحامات المقررة بالتزامن مع “عيد الفصح العبري”، الذي يبدأ مع غروب شمس يوم السبت 12 أبريل 2025 ويستمر حتى غروب يوم السبت 19 أبريل.
كما نشر الناشط المتطرف أرنون سيجال صورة جديدة تُظهر تصوراً لمذبح توراتي أسطوري في مكان قبة السلسلة، مع تخيل لإقامة طقوس تقديم القربان الحيواني. تُظهر الصورة المذبح وكأنه قد بُني في الموقع المذكور، محاطاً بعدد من “كهنة الهيكل” الذين يُفترض أنهم يقودون الصلوات وفقاً للأسطورة التوراتية، مع خروف صغير يُعد قرباناً.
وتظهر الصورة المذبح الحجري الأسطوري وكأنه قد بُني في مكان قبة السلسلة إلى الشرق من قبة الصخرة، وقد أحاط به عدد من “كهنة الهيكل” وهي طبقة كانت تقود الصلوات في الهيكل المزعوم بحسب الأسطورة التوراتية، وقد أشعلوا النار التي يقدم إليها القربان بحسب تلك الأسطورة، ويظهر في الصورة خروف صغير استعدادً لتقديمه قرباناً.
وتروج جماعات الهيكل لمقولة وهمية لا أساس لها بأن قبة السلسلة قد بنيت خصيصاً لطمس معالم المذبح الأسطوري التوراتي، وقد عملوا ما بين 2010-2013 على تعطيل مشروع تجديد القاشاني الذي يكسوها من الأعلى باعتباره مشروعاً “يطمس آثار المذبح التوراتي”.
وتسعى جماعات الهيكل المتطرفة إلى إقامة طقس ذبح القربان الحيواني في المسجد الأقصى ضمن مسعاها لتغيير هويته عبر إقامة كامل الطقوس التوراتية فيه، معتبرة ذلك بمثابة “تأسيسٍ معنوي للهيكل” يمهد لتأسيسه المادي، ويحتل قربان الفصح مكانة ذروة الطقوس التي تسعى إلى فرضها لاعتبارين: الأول أنه ذروة الطقوس التوراتية في الهيكل المزعوم وفق الأسطورة التوراتية…
أما الاعتبار الثاني فهو اعتقادها بأنه بوابة للخلاص الإلهي؛ إذ أن تلك الجماعات تعتقد أن دم هذا القربان هو أحد العناصر المرتبطة برضى الرب وإرادته بإرسال المخلص لتحصل المعجزة الكبرى التي “يخضع بها الرب أعناق الأمم لشعب إسرائيل”، ولعل هذا هو الدافع المركزي ل”جماعات الهيكل” باعتبارها جماعات خلاصية؛ يهدف عملها السياسي إلى تعجيل الخلاص الإلهي باعتباره بنظرها البوابة الوحيدة لحسم الصراع الديني والسياسي في المنطقة والعالم.
وتجدد ثاني أيام عيد الفطر الحديث عن البقرة الحمراء عبر عدد من المنصات الإعلامية والناشطين من تيار الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة وعن اقتراب إجراء طقس ذبح البقرة الحمراء، ورغم المزاعم أن طقس التطهر برماد البقرة الحمراء لم يتم منذ ألفي عام بحسب المصادر التوراتية والتلمودية التي تتحدث عن هذه الأسطورة؛ إلا أنها هذه المصادر تزعم أن الموعد الذي كان هذا الطقس يقام فيه كان الثاني من نيسان العبري، والذي كان هذا العام ثاني أيام عيد الفطر، يوم الإثنين 31-3-2025.
وتدعو منظمات الهيكل المتطرفة وتيار الصهيونية الدينية للسعي إلى تحقيق أسطورة البقرة الحمراء و تجاوز الحظر الحاخامي على اقتحام المسجد الأقصى المبارك، فالرأي الحاخامي المعمول به رسمياً يبني على أن من يدخل الهيكل من اليهود لا بد أن يتحلى بالطهارة الكاملة، بما في ذلك الطهارة من نجاسة الأموات التي لا يستثنى منها أحد من اليهود اليوم، والطهارة منها لا يمكن أن تتم إلا عبر طقس التطهر برماد البقرة الحمراء، وبما أن هذا الطقس لم يتم فإن الحاخامية الرسمية تحظر على اليهود المشاركة في اقتحامات المسجد الأقصى المبارك الذي تزعم الحاخامية بأنه مكان الهيكل المزعوم، وهو ما يقلل أعداد اليهود الصهاينة المشاركين في الاقتحامات.
وتعول منظمات الهيكل المزعوم على أن تتجاوز هذا الحظر بإيجاد البقرة الحمراء وإقامة طقس التطهر بها على جبل الزيتون بحيث تصبح أعداد مقتحمي الأقصى بالآلاف يومياً، بما يمهد لها الطريق لطمس هويته وتأسيس الهيكل في مكانه، كما أنها تنظر إلى ظهور البقرة الحمراء وإقامة طقس التطهر برمادها باعتبارها إحدى علامات مجيء المخلص وبداية عهد المعجزات الإلهية، وهو الهدف الذي تكرس تلك المنظمات نفسها لتحقيقه، وهو الهدف المشترك الذي يجمع الصهيونية الدينية اليهودية مع تيار الصهيونية المسيحية الغربي.
و كرس “معهد الهيكل” ومنظمة “ابنوا إسرائيل” المتطرفة كل جهودهما لتحقيق هذه الأسطورة، فعملوا على إحياء طبقة الكهنة التي يفترض أن تنفذ طقس التطهير وعلى إنتاج ما يتطلبه من أدوات وملابس، وعلى السطو على قطعة أرض على جبل الزيتون مقابلة لقبة الصخرة، فيما عملت وزارة شؤون القدس في الحكومة الإسرائيلية المتطرفة على تأهيل الطريق وممرات المشاة إليها، وعملوا على استقدام 5 بقرات حمراء جواً من ولاية تكساس الأمريكية في شهر 10-2022 أملاً في أن تصل لعمر السنتين مع تحقق كامل الشروط التوراتية فيها بأن تكون حمراء صافية لم تنجب ولم تُحلب ولم تُركب ولم تجر ساقية ولم تُخدش، وهو ما تحقق في شهر 2-2024 ما جعل تلك الجماعات تطلق حملة واسعة مع حلفائها من الصهيونية المسيحية لتنفيذ طقس التطهر في 11-4-2024 وهو ما لم يتح لها إتمامه لأسباب متعددة، أهمها الظرف السياسي خلال الحرب حينها.
اليوم تقول تلك المصادر إن بقرتين من تلك البقرات الخمس لم تعد تحقق الشروط التوراتية، فيما يحل الموعد التلمودي لذبحها للمرة الثانية منذ استقدامها ووصولها للعمر المطلوب، ولا بد من التنبيه هنا إلى أن مواقع منظمات الهيكل لم تنشر أي دعوات صريحة لإجراء طقس ذبحها والتطهر بها، لكن حلفاءهم من الصهيونية المسيحية يتحدثون عن احتمالية إقامة طقس التطهر، وتشير بعض مصادرهم إلى إمكانية عقد هذا الطقس سراً ودون إعلان مبكر عنه.
هذا واقتحم عشرات المستوطنين، أمس، المسجد الأقصى المبارك، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال ، وسط دعوات للحشد والرباط والتصدي لتصعيد جماعات الهيكل خلال ما يسمى “عيد الفصح” العبري.
وأفادت دائرة الأوقاف الإسلامية أن الفترة الصباحية من الاقتحامات شهدت مشاركة 92 مستوطناً و95 من طلاب المدارس الدينية والكليات التوراتية المتطرفة، بالإضافة إلى 4 موظفين من سلطة الآثار الإسرائيلية. كما اقتحم المسجد الأقصى 320 سائحاً أجنبياً من باب المغاربة دون تنسيق مع دائرة الأوقاف، حيث انضم بعضهم إلى المستوطنين في جولاتهم واستمعوا لشرح مندوبي جماعات الهيكل المزعوم.
ونفذ المستوطنون الاقتحامات على شكل مجموعات، حيث قاد كل مجموعة أحد أتباع الهيكل المزعوم، وقدّموا شروحات حول الهيكل المزعوم وأدوا جولات استفزازية وصلوات تلمودية في المنطقة الشرقية من المسجد.
وفي الاقتحام الثاني بعد صلاة الظهر، شارك في الاقتحامات أمنون فردمان، كبير حاخامات جماعة الهيكل المزعوم، ضمن المجموعة الثانية التي ضمت 65 مستوطناً، بالإضافة إلى 21 سائحاً.
وشددت شرطة الاحتلال من إجراءاتها على أبواب المسجد الأقصى وفي محيط البلدة القديمة من القدس، مما أعاق دخول المصلين خلال الجولات الاستيطانية. وكانت جماعات الهيكل المتطرفة قد دعت المستوطنين إلى تصعيد محاولاتهم لإدخال وذبح قرابين “عيد الفصح” العبري في المسجد ومحيطه، قبل أسبوع من بدء العيد رسمياً في 13 من الشهر الجاري.
تأتي هذه الدعوات في سياق تصاعد محاولات المستوطنين لفرض طقوسهم الدينية داخل الأقصى، وسط تحذيرات فلسطينية من تداعيات هذه الخطوة على الأوضاع في المدينة المقدسة.
في المقابل، أطلقت هيئات دينية ووطنية فلسطينية نداءات لحشد أكبر عدد ممكن من المرابطين في المسجد الأقصى، خاصة خلال الأيام القادمة التي تسبق عيد الفصح العبري.
وأكدت الدعوات على أهمية الرباط والتواجد المكثف في المسجد الأقصى منذ ساعات الفجر الأولى لإفشال مخططات المستوطنين ومنع أي محاولة لإدخال القرابين أو تنفيذ الطقوس التلمودية.
وحذّرت الهيئات المقدسية والمرجعيات الدينية من أن هذه المحاولات تمثل تصعيداً خطيراً يستهدف تهويد المسجد الأقصى وفرض وقائع جديدة على الأرض، مشددة على أن الدفاع عن الأقصى واجب ديني ووطني يستدعي تكثيف الحضور في المسجد خلال هذه الفترة الحساسة.
وكانت جماعات الهيكل المتطرفة قد دعت المستوطنين إلى تصعيد محاولاتهم لإدخال وذبح قرابين “عيد الفصح” العبري في المسجد ومحيطه، قبل أسبوع من بدء العيد رسميًا في 13 من الشهر الجاري.
وتأتي هذه الدعوات في سياق تصاعد محاولات المستوطنين لفرض طقوسهم الدينية داخل الأقصى، وسط تحذيرات فلسطينية من تداعيات هذه الخطوة على الأوضاع في المدينة المقدسة.
بدورها، اعتبرت محافظة القدس نية “جماعات الهيكل” المتطرفة لذبح “قربان الفصح العبري” داخل المسجد الأقصى المبارك ومحيطه، في مدينة القدس المحتلة تصعيدا خطيرا يأتي في سياق المحاولات الحثيثة والمحمومة لاستهداف المقدسات الاسلامية والمسيحية وعلى راسها “الأقصى”.
وقالت المحافظة في بيان لها، إن هذه الدعوات، التي تتزامن مع صور واستعراضات نشرتها شخصيات بارزة في هذه الجماعات الاستيطانية، بدعم وتحريض مباشر من وزراء ومسؤولين في حكومة الاحتلال، وعلى رأسهم المتطرف إيتمار بن غفير، تمثل استفزازًا وانتهاكا صارخًا لمشاعر المسلمين، واعتداءً على حقوقهم الدينية في واحد من أقدس مقدساتهم، الذي يُمثّل مكانًا إسلاميًا خالصًا باعتراف كافة القوانين الدولية، وجميع قرارات منظمة اليونسكو والأمم المتحدة.
وحذرت المحافظة من أن هذا السعي المحموم لتنفيذ “طقوس توراتية” داخل المسجد الأقصى يُعدّ اعتداءً خطيرًا على الوضع التاريخي والقانوني القائم (استاتكو)، ويُشكّل خرقًا واضحًا وتدخلا في الوصاية الهاشمية، وللدور الأردني الرسمي في إدارة الأوقاف والمقدسات الإسلامية في المدينة المقدسة، بما في ذلك المسجد الأقصى المبارك وساحاته.
واعتبرت “هذه المحاولات الخطيرة جزءًا من حرب دينية ممنهجة، تُديرها الجمعيات الاستعمارية المدعومة من حكومة الاحتلال، بهدف تهويد المسجد الأقصى، وتقسيمه زمانيًا ومكانيًا تمهيدًا للسيطرة الكاملة عليه، وهي ممارسات لن تؤدي سوى إلى تفجير الأوضاع في القدس والمنطقة بأسرها، وجرّها نحو موجات من العنف وربما حرب دينية لا تُحمد عقباها”.
وحملت محافظة القدس حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الدعوات وما قد يترتب عليها من تصعيد، ودعت المجتمع الدولي، والدول العربية والإسلامية، إلى التدخل الفوري للجم هذه الجماعات المتطرفة، ومنع تحويل القدس إلى ساحة صراع ديني بفعل السياسات العدوانية الإسرائيلية.
وأكدت أن “القدس بمقدساتها ليست مكانًا للطقوس التلمودية، والمسجد الأقصى المبارك سيبقى إسلاميًا خالصًا، مهما بلغت جرائم المتطرفين، ومهما اشتدت محاولات التزوير والاستيلاء”.