محمد بلاص:
كانت محتويات المساكن البدائية التي تعيش فيها عائلة المواطن ياسر أبو الكباش وأشقاؤه في خربة حمصة التحتا بالأغوار الشمالية، مؤخرا، هدفا للتحطيم من قبل جيش الاحتلال، وذلك في إطار سلسلة المضايقات التي تتعرض لها العائلات البدوية في تلك الخربة المهددة بالإزالة من على وجه الأرض من قبل الاحتلال.
وبحسب رئيس مجلس المالح والمضارب البدوية في الأغوار، عارف دراغمة، فإن العشرات من جنود الاحتلال المدججين بالسلاح هاجموا خيام ومضارب عائلة أبو الكباش دون معرفة الأسباب.
وأكد دراغمة أن الجنود تعمدوا إتلاف مطابخ وخزائن وأثاث وشوادر العائلات المستهدفة بشكل همجي أرعب الأطفال والنساء ممن كانوا يتواجدون وحدهم في المكان، بينما كان الآباء والأزواج في مواقع عملهم الذي يتركز على تربية المواشي.
ورأى أن هناك مسؤولية إنسانية تقع على عاتق المؤسسات الحقوقية والإنسانية لمتابعة الاعتداء السافر على العائلات البدوية ومساكنها، والعمل على توفير اللازم للعائلات المنكوبة.
وأضاف إن تلك العائلات تشعر أنها مشتتة وغير قادرة على الاستقرار في ظل استمرار مطاردتها من قبل سلطات الاحتلال، بذريعة إقامتها في منطقة مصنفة على أنها عسكرية مغلقة.
وتابع دراغمة، إن هذه المعاناة استمرت لعدة سنوات دمرت خلالها قوات الاحتلال كل مقومات الحياة في تلك الخربة، حتى جاءت مبادرة الاتحاد الأوروبي وعدة مؤسسات دولية لتعزيز وجود العائلات الفلسطينية البدوية في المناطق المصنفة “ج”، بما فيها الأغوار، من خلال تزويدها ببيوت متنقلة كانت هي الأخرى هدفا للمصادرة من قبل جيش الاحتلال.
وأردف: “كانت تلك العائلات تعتقد أن تلك الكرفانات المتنقلة ستكون بمثابة مكان محمي من اعتداءات جيش الاحتلال، لكونها تحمل شعار الاتحاد الأوروبي، إلا أنها لم تسلم من الاعتداءات الإسرائيلية”.
وأكد دراغمة، أن ممارسات الاحتلال في هذه المنطقة بدأت منذ العام 1967، لكنها تتواصل بأشكال قاسية، وتشبه في كثير من تفاصيلها أفلام رعب ليست لها نهاية، وعادة ما يكون ضحيتها الأطفال والنساء والشيوخ من البدو الذين يعيشون هناك منذ القدم.
وأوضح أن اعتداءات الاحتلال هناك تصاعدت في العام 1969 بإطلاق جنود الاحتلال النار على قطعان الأغنام عندما كان الرعاة يقصدون ينابيع المياه ويبحثون عن المراعي الخضراء، فأصبحوا يتعرضون للاعتقال وهم يرعون مواشيهم، حيث كانت تلاحقهم آليات الاحتلال وتعقد لهم محاكم عسكرية سريعة، وتفرض عليهم غرامات مالية باهظة، ومن ثم أصبحت الطائرات تلاحقهم في الجبال، وتعتقل من تصل إليه، وتحتجزه في أريحا عدة أيام.
ولجأت سلطات الاحتلال إلى مصادرة المواشي هناك وتحميلها في شاحنات كبيرة أيام الخميس والجمعة والسبت، وفي يوم الاثنين كانت تفرج عنها، بعد إجبار أصحابها على دفع عشرة دنانير عن كل رأس يحتجز بين 48 ولغاية 96 ساعة، دون إطعام أو سقاية المواشي المحتجزة طوال تلك الفترة.
من جهته، قال أبو الكباش، إن أهالي الخربة يئنون تحت وطأة الاعتداءات التي ينفذها جيش الاحتلال ضدهم، من أجل تفريغ هذا التجمع الغوري الصغير من أصحابه الشرعيين عن طريق اقتلاعهم منه، وذلك في إطار محاولات التهويد والاستهداف الإسرائيليين.
وأكد أن الأهالي هناك يعيشون فصولا سوداء في كل يوم تجعلهم رهائن لفنون جديدة من عدوان الاحتلال، وتنغص عليهم حياتهم بكل تفاصيله.
وأشار مواطنون إلى أن ما وصفوه بـ “المسلسل الإسرائيلي” لم يتوقف عند هذا الحد، حيث بدأ الاحتلال بمصادرة الجرارات الزراعية وصهاريج المياه التي تنقل الماء إليهم واحتجازها في أريحا لمدة تصل أحيانا إلى سبعين يوما، وفرض غرامات مالية على أصحابها.
وقال أحد المواطنين من القاطنين في خربة حمصة: “صرنا اليوم في فيلم جديد، يأخذون منا النهار ويجبروننا على إخلاء بيوتنا بحجة التدريبات العسكرية، ونظل من السادسة صباحا حتى السادسة مساء في العراء، ويختار الاحتلال التدريب في أوقات صعبة، إما في عز الصيف ودرجات الحرارة تفوق الأربعين، أو في الشتاء والبرد لإخراجنا من مساكننا، وهم يحولون حياتنا إلى جحيم يومي، ويمرمرون عيشتنا، ويهدفون من ذلك إلى ترحلينا”.