قال أريك فايس، الكاتب “الإسرائيلي” في القناة العاشرة، إن “القناصة “الإسرائيليين” الذين يقفون خلف قتل المتظاهرين على حدود قطاع غزة في المسيرات الأخيرة باتوا يتصدرون عناوين الأخبار والمتابعات الدولية، لأنهم تسببوا بقتل العدد الكبير من الشبان الفلسطينيين”.
وأضاف، في تقرير مطول، أن “إسرائيل عاشت أربعة أجيال من القناصة بين الانتفاضة الأولى في 1987 وحتى مسيرات غزة 2018، وأن هؤلاء القناصة يتدربون بشكل أساسي على تنفيذ مهمتهم؛ كي لا تصبح متأخرة، أو يفوت معادها بعض الوقت، لكن هناك جانبا لا يعرفه القراء أو المتابعون عن عمل القناصة، وهو أكثر تعقيدا مما يظن من يتابع هذه الظاهرة من الخارج، كون مهمتهم لا تعرف الرحمة”.
ونقل عن القناص “دورون” الذي عمل في فرقة “روتم” بين عامي 2013-2016، وشارك في حرب غزة الأخيرة 2014، أننا حين “نختار القناصة يكونون أبناء 18 عاما، ثم يستمرون معنا سنوات طويلة، وحين أقوم بتنفيذ مهمة القنص أنفصل عن الواقع، آخذ نفسين عميقين، ثم هدوءا، وبالكاد يتحرك السلاح في يدي”.
وأوضح أنني “أحاول الاندماج مع البندقية، التي تصبح مع مرور الوقت جزءا من جسدي، الشيء الوحيد الذي أقوم به هو حركة صغيرة بسيطة بموجبها يتم تحديد النتيجة النهائية للمهمة، نجاحا أو فشلا، بحيث أن رصاصة واحدة كفيلة بأن تقتل، هذا هدفها”.
القناص “أ” الذي عمل بين عامي 1999-2002، في قطاع غزة خلال الانتفاضة الثانية، قال “إنني كقناص، أعتبر أن كل طلقة تخرج من المخزن تذهب نحو القتل”.
وأضاف: “كنت أرى دماء وأشلاء من أقتلهم باشمئزاز، لكنها في الوقت ذاته جذبتني للنظر إليها، دائما أنظر إلى إنسان يموت، ترفرف روحه، لم يكن لدي أي شفقة، لم أشعر بالأسف تجاههم؛ لأني فعلت ذلك انطلاقا من خدمتي العسكري وواجبي المهني”.
يقول الكاتب أن “مهمة القناصة تركزت في مرحلة ما قبل سنوات التسعينات على تصفية المقاومين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، بجانب التغطية على القوات الإسرائيلية التي تقتحم المناطق المدن، ولكن حين اندلعت الانتفاضة الأولى أواخر الثمانينات، وجد القناصة أنفسهم في واقع ميداني مختلف كليا”.
يقول الجنرال داني غليل، قائد كتيبة القناصة في الجيش الإسرائيلي بين عامي 1991-1999، إننا “فوجئنا من أحداث الانتفاضة الأولى حين أصبحت مهامنا تفريق المظاهرات، وخلال يومياتها الجديدة تم تزويد القناصة ببنادق من طراز روجر وعيارات نارية كفيلة بإحداث الإصابة، وليس القتل، فهو من جهة سلاح فعال ضد المتظاهرين، ومن جهة أخرى لا يستجلب انتقادات دولية، وهو ما شهدته الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث تم استخدام رصاصات جديدة من عيار 7.62 تهدف لتحييد المتظاهرين عن المشاركة في المظاهرات، وليس بالضرورة إصابتهم في أجسادهم”.
نداف فايمان، المسؤول في وحدة القناصة في لواء ناحال بالضفة الغربية وقطاع غزة بين عامي 2005-2008، قال إن “الطيار الذي يلقي قنبلة كبيرة على أحد المنازل في غزة، أو المدفعية التي ترسل قذيفة نحو هدف ما، لا يريان مباشرة النتائج التي أسفرت عنها أفعالهما، لكن القناص يرى بأم عينه على الفور ماذا حصل، ومع تكرار هذه الحوادث تصبح جزءا من يومياتنا، القناص يتدرب على كيفية ممارسة مهنة القتل بالصورة الأكثر إتقانا”.
الضابط آساف، الذي خدم في لواء غولاني بين عامي 2013-2016، وكان مسؤولا عن عشرين قناصا، يقول إن “القناصة يتدربون على المكوث في كمين لمدة 20 ساعة متواصلة، وأيديهم على الزناد دون أن يفكروا مرتين، حين نبحث عن قناصة نحرص أن تكون المواصفة الأولى لهم هي برود الأعصاب وطول النفس، القناص لا يجب أن يكون أينشتاين، نريد إنسانا يمتلك القدرة، وخفة الحركة، والتحمل الذي يجعله واقفا في مكان واحد ساعات طويلة”.
وأضاف أن “العامين الأخيرين أصبحت فيهما المظاهرات شبه يومية على حدود غزة، ما تطلب تواجدا مكثفا للقناصة على الحدود، واستجلب تغطية وسائل الإعلام العالمية، ودفع لتشكيل لجنة التحقيق الدولية التي أقامها مجلس حقوق الإنسان، التي ستحقق في ممارسات الجيش الإسرائيلي ضد المتظاهرين، وقد يتم تحميل القناصة الإسرائيليين المسؤولية عن مقتل أكثر من مئة منهم”.
الضابط “ف” قال إن “الأسابيع الثمانية الماضية شكلت تحديا جديا أمام القناصة؛ لأننا كنا نواجه قرابة نصف مليون متظاهر على طول المناطق الحدودية، رغم أن هناك اتهامات بأن اليد أصبحت أخف في الضغط على الزناد، مع أن كل رصاصة تخرج بأمر من الضابط المسؤول”.