الكاتب: عميره هس
منذ 14 سنة والأولاد في الضفة الغربيّة يحتاجون لمرافقة جيش الدفاع الإسرائيلي ليحميهم من المستوطنين..
ثمّة سبب مقبول وحقيقي لأولاد قرى المغاير عن تأخيرهم: لم يصل الجنود في الوقت المناسب كي يرافقوهم في طريقهم المار بالقرب من بؤرة حفات ماعون. في الأيام الأخيرة. عندما تأخرت الحماية وحاول الأولاد المرور بمبادرتهم الذاتية، أغلق المستوطنون في المنطقة طريقهم، وهددوهم وهاجموهم…
هآرتس، 21.9.2018 ترجمة: أمين خير الدينطريق ترابيّة مُسْتَبْدَلة بطريق الإسفلت، يتقدم عليها صبيان وبنات في سنّ الدراسة وخلفهم جيب عسكري يتقدّم ببطئ. أصبح هذا المنظر المتكرر جزءا من مناظر قرية الثواني، جنوبي يطّا. لكن في صباح – 9 سبتمبر كان المنظر مختلفا: بدلا من الجيب العسكري، وقد خجل من المجيء، ظهرت مركبة مدنيّة بيضاء. حاول سائقها سدّ الطريق أمام التلاميذ وأمام مرافقتَيْهم، متطوّعتان من Operation Dove، منظمة كاثوليكيّة إيطالية تؤمن بالسلام وبعدم العنف، يعيش متطوّعوا المنظمة ويعملون بين السكان المدنيين في مناطق النزاع.اقترب من التلاميذ شخص يحمل مسدسا ويعتمر قبعة دينية (كيباه) وحذّر شخصا آخر في تلفونه المحمول قائلا: “يساريون وتلاميذ يمرون هنا لوحدهم”الشخص، بالقميص الرمادي والكيباه، يطلّ المسدس من تحت قميصه، خرج من مركبته وصاح باللغة العربيّة: “لا يُسْمح لكم بالمرور وحدكم”. وأضاف باللغة الإنجليزيّة: “لا يُسمح لكم بالمرور قبل مجيء الجنود”. أجابته المرافقة الإيطاليّة: “هذا غير صحيح، تأخّر الجنود ساعة”. فأجابها، بالإنجليزية: لهم (أي التلاميذ) ممنوع تماما وأنت ممنوعة من التواجد هنا”.تابعت المجموعة سيرها. سأل الإسرائيلي بمحموله شخصا آخر: ” أقادم أنت؟ إنهم يتجوّلون هنا، اليساريون والأوروبيون”. بخوف ولكن بإصرار، تابع التلاميذ سيرهم لأنهم تأخّروا عن الحِصّة الأولى وكادوا يتأخرون عن الثانية. “أنت سائحة ومن غير المسموح لك أن تكوني هنا كسائحة” هكذا قرر هذا الشخص. “انتظروا القوّة العسكريّة”، هكذا أمرهم. صوّرته. وهو أيضا صوّرها. “أتشعرُ بالسعادة وانت تُخيف التلاميذ؟” اهتمّت المُرافقة بذلك.زاد الشخص الحامل للمسدس والمعتمر للكيباه من خطواته، اقترب من التلاميذ بشكل مُخيف، واستمر بتحذير شخص ما بواسطة المحمول الخاصّ به: “يتقدم اليساريون والعرب هنا وحدهم”. ثم عاد راكضا إلى مركبته البيضاء، حيث يجلس بها بنتان وابن في سنّ المدرسة. وهم بداخلها، انطلق بالمركبة، وحين وصل مجموعة المُشاة حاول أن يسدّ طريقهم.هجوم بالسلاسل الحديديةمرّتان في اليوم، منذ 14 سنة، والجيب العسكري يرافق حوالي عشرة تلاميذ من قرى طوبا ومغاير العبيد، وهم بطريقهم إلى المدرسة في قرية الثواني وعند عودتهم منها. في نوفمبر/تشرين الثاني 2004 قررت اللجنة الخاصة لرفع مكانة الطفل في إسرائيل مرافقة الجيش للتلاميذ وحمايتهم، بعد أن قدموا لها أدلّة تثبت أن إسرائيليين يتعرّضون للتلاميذ ويهاجمونهم ويهاجمون مرافقيهم.تأكد أعضاء اللجنة أن الطريق القصيرة والعاديّة إلى المدرسة- يبلغ طولها كيلومترين- وتمرّ هذه الطريق بالقرب من بؤرة حفات ماعون. وخلال ثلاث سنوات شوهد إسرائيليون ينطلقون من هذه البؤرة الاستيطانيّة ويقطعون الطريق أمام الفلسطينيين سكان المنطقة، بما في ذلك التلاميذ.مما اضطر التلاميذ الى الذهاب بطرق بديلة (حوالي خمس كيلومترات) مما أجبرهم على الاستيقاظ المبكر والعود المتأخّرة.وحتّى قرّر الأهالي المطالبة بحق أبنائهم بالذهاب بالطريق القصيرة. سمع أعضاء اللجنة – وأيضا ممثلو الجيش والشرطة الذين حضروا النقاش– عن المُقنّعين الذين يخرجون من بين الأحراش، حيث توجد البؤرة الاستيطانيّة، ويهاجمون مرافقي التلاميذ، وسمعوا عن التعديات بالسلاسل الحديديّة، وعن التخلّف عن الدراسة بسبب الخوف من المعتدين، وسمعوا عن صَدَمات وكوابيس ليلية وعن اتصالات تليفونيّة للشرطة والتي لم تطرح أيّة نتيجة.أعضاء اللجنة (ميخائيل ملخيؤر، أوري أريئيل، أبشلوم فيلان الذي أثار الموضوع، ران كوهين ويعقوب مِرْجي) لم يتوقعوا أنه سنة بعد سنة، ستستمر أفواج جديدة من الجنود لترافق أفواجا جديدة من التلاميذ، لأن الشرطة والجيش لا يمكنهم إيقاف تعديات الإسرائيليين على التلاميذ. أعطى أعضاء اللجنة مُهْلَة من ثلاثة أسابيع للسلطات لإنهاء التحقيق (لمعرفة المتهمين بالتعدّي) ومن خلال بروتوكول الجلسة يمكن الاستنتاج أنهم اعتقدوا أن ذلك سيضع حدٌّ لهذا التعرّض.سمع أعضاء لجنة رعاية الطفل عن تعدّيات بالسلاسل الحديديّة، وعن تخلّف عن الدراسة بسبب الخوف، وعن كوابيس ليليّة وعن اتصالات هاتفية للشرطة والتي لم تُثْمر شيئا.”ثمّة إجماع بين المجتمعين. بأنه يجب إيقاف هذا التعدّي”، قال رئيس اللجنة، ملخيؤر. “هذا أمر لا يُحْتَمَل، بلطجيون يعتدون على اطفال صغار بالسلاسل الحديديّة وبكل ما سمعناه، مع الكلاب. هذا أمر ليس فقط ضدّ الأخلاق إنّما أيضا ضدّ اليهوديّة، ضد الدين، وضدّ كل ما هو جيّد ومقبول في عالمنا. هذا ألأمر يجب أن يتوقف. سمعنا أن الشرطة تتعامل مع التعديات بكلّ جديّةٍ.مرّ 14 سنة، ويوم 9 سبتمبر/أيلول، جاء جنديان، وصلا متأخّرين 50 دقيقة (وصلا في أل 8:19 بدلا من 7:30) ركض الجنديان نحو الإسرائيلي القاطع للطريق ونحو التلاميذ المرعوبين، وقد اقتربوا من القرية. “لحظة”، قال الجندي لسائق المركبة البيضاء فأجابه السائق، بصوت عالٍ: “ماذا تعني لحظة، أبنائي يعيشون هنا”. وبينما هو يشير على التلاميذ الفلسطينيين ويتابع الصراخ: ” هؤلاء اللصوص، هؤلاء المجرمون، لماذا يتجولون هنا؟” وأمر الجنديَّ: “أوقفهم. لماذا تسمح لهم بالتجوّل هنا؟ في البداية اعتقلهم”. ثمّ أمر الجنديين أن يأخذا جواز السفر الخاصّ بالإيطالية ( لما يطيع الجنديان أوامره).وبعد مضي ثلاثة أيّام، في يوم 12 سبتمبر/ أيلول تأخر الجيب العسكري المرافق مرة أخرى بحوالي 40 دقيقة (للأسف الشديد التأخير ليس نادرا، كما يروي المتطوّعون الإيطاليون) هذه المرة لم يجرؤ التلاميذ على التقدّم على الطريق وحدهم، انتظروا بالقرب من أقنان الدجاج التابعة لمستوطنة ماعون. بدأت إسرائيليّة تواجدت في المكان بالصراخ عليهم، ثم ركبت سيارة مرّت وتوقفت لتُقِلّها. وبعد قليل من الوقت ظهر إسرائيلي بمركبته، توقّف ثمّ ترجّل من مركبته واقترب من التلاميذ وبدأ يصرخ عليهم. ابتعد التلاميذ المرعوبون قليلا ثم توقّفوا. وبعد عشر دقائق، عندما رأوا أن الإسرائيلي الذي كان يصرخ عليهم قد ابتعد، اقتربوا ثانية من أقنان الدجاج، عندئذ وصل الجيب العسكري، ورافقهم حتى البوابة في آخر الطريق.صرّح الناطق بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي إن جيش الدفاع الإسرائيلي يضمن مرور الفلسطينيين من طوبا إلى المدرسة في قرية الثواني منذ عِدَّة سنوات، بعد أحداث تعرض خلالها التلاميذ وهم بطريقهم إلى المدرسة لعنف كلاميٍّ وبدنيٍّ في الطريق المحاذية لحفات ماعون. يوم الأحد 9 سبتمبر/أيلول ويوم الأربعاء 12 سبتمبر/ أيلول، وصلت قوة من جيش الدفاع الإسرائيلي لمكان يفصل بين التلاميذ والمستوطنين وسمح للتلاميذ بالمرور بسلام. وفي هذا الحدث حصل تأخير معيّن لوصول المرافقين، يبذل جيش الدفاع الإسرائيلي مجهودا ليلائم بين مواعيد المُرافقة من أجل راحة التلاميذ. وقوات جيش الدفاع الإسرائيلي تعمل لمنع أي احتكاك أليم وللمحافظة على النظام والروتين الطبيعي”.منطقة عسكريّةلم تكن هذه الأحداث العنيفة الوحيدة في قرية الثواني في الأيام الأخيرة. حسب أقوال السكان وأقوال المتطوِّعين الإيطاليين، في ساعات الظهيرة من يوم 6 سبتمبر/أيلول، خرج إسرائيلي من منطقة البؤرة الاستيطانيّة واقترب من بيت فلسطيني في قرية الثواني وألقى بالحجارة على امرأة من سكان القرية. سارع بعض سكان القرية لحماية المرأة. عندئذ ترك المكان. وبعد وقت قليل شوهد شخص بالقرب من جدار البؤرة عرفه السكان كمركّز الأمن العسكري العام في مسوطنة ماعون، وظهر خلفه سيارتا جيب عسكريتان. تحدث الجنود مع هذا الشخص، وبعد ذلك أوضحوا للسكان أمرا يقضي باعتبار المنطقة منطقة عسكريّة مُغْلَقَة أمام الإسرائيليين والناشطين الأجانب.في 7 سبتمبر، وأيضا في ساعات الظُهر. وقف مُقَنّعان خارج غابة البؤرة الاستيطانيّة، ومعهما نُقّيفتان، يرميان بواستطهما حجارة على مّنْ يمرّ في الطريق المتّجه إلى طوبا. وفي ساعات المساء من يوم السبت ـ 8 سبتمبر/ أيلول،اكْتُشف في أراضي لسكان القرية، في وادي حُمرا، تسع شجرات زيتون قد نُشِرَتْ وتم تدميرها من قبَل مجهولين. وفي 9 سبتمبر/ أيلول في ساعات الظُهْر، اكْتُشفت ثماني شجرات أخرى منشورة ومُدمّرة.وفي الشهر الأخير قُطِعت اشجار زيتون لقرية الثواني والمنطقة وقد أغْلق المستوطنون الطريق وألقَوا الحجارة على السكان.تحديث: 8 شجرة زيتون اخرى دمرها المستوطنون الاسرائيليون في قرية ال التواني.وقد جاء المستوطنون, الذين تم القبض عليهم في القانون من قبل الملاك الفلسطينيين, من حافات ma ‘ على موقع غير قانوني.هل ستقوم السلطات الاسرائيلية بعمل شيء على الاقل هذه المرة؟في 11 سبتمبر اقترب إسرائيليان إلى بيوت قرية الثواني. تجمّع السكان ليسدوا الطريق على الإسرائيليَيْن، فظهر الجنود فورا، ودفعوا بالفلسطينيين إلى بيوتهم. انتشر حوالي 30 جنديا في غابة البؤرة الاستيطانيّة، ومنعوا إسرائيليين آخرين من دخول القرية. بعد اجنود الجيش جاء جنود حرس الحدود وفصلوا بين الإسرائيليين وسكان القرية. وفي مساء يوم الغفران، 18 سبتمبر/ أيلول، اكتشف بدو وادي حُمْرا أشجار زيتون مدمّرة، في يوم الغفران وصلت الحامية العسكرية للتلاميذ، بتأخير نصف ساعة.صرح الناطقون بلسان الشرطة: “تنظر الشرطة بعدم الرضى لكل عمل فيه عنف أو بلطجة حيثما كان، وعندما تتلقى الشرطة شكوًى تُعالَجها وتُحقّق بها بعُمق وبمهنيّة، بهدف الوصول للحقيقة. تلقّت شرطة إسرائيل شكوى عن إلحاق أضرار للأشجار وبُدئ بالتحقيق الذي لا يزال جاريا حتى الآن ومن طبيعة الأمور أننا لا يمكن أن نصرح عنها في هذه المرحلة، وننوّه بأن شرطة إسرائيل تعمل طيلة الوقت بشكل علني وسريّ في نفس الوقت بالتعاون مع باقي قوّات الأمن في المنطقة وفي مواقع الاحتكاك، بهدف منع أحداث من هذا النوع وتقديم الجناة للمحكمة”.ورغم ذلك، وصلت سيارة الجيب العسكرية أمس متأخّرة، فتأخّر التلاميذ مرّة أخرى عن دراستهم.