الحارث الحصني
قوات الاحتلال تصادر خطوط مياه وتحرم عشرات العائلات الفلسطينية من المياه في قرية بردلة
يجلس عشرات المواطنين بجانب أنقاض هدم لمنشآت سكنية، وحظائر أغنام، دمرتها جرافات الاحتلال، صباح الخميس، لأحد المواطنين في قرية بردلة بالأغوار الشمالية، في استراحة قصيرة كانت لهم .
وبعد ذلك انسحب أغلب هؤلاء المواطنين من المنطقة، باتجاه أعمالهم اليومية.
لكن، لماذا تواجد أكثر من 30 شخصا عند هذا الركام؟
بعد السابعة والنصف بقليل، من صباح الخميس، هدمت جرافات الاحتلال الإسرائيلي، عددا من المنشآت السكنية، وحظائر الأغنام المسقوفة، والمفتوحة، للمواطن خالد رشدي صوافطة.
وبشهادة مواطنين من القرية، فقد استغرقت عملية الهدم فقط ساعة إلا ربعا تقريبا، وغادرت بعدها المنطقة من الجهة الغربية.
يقول صوافطة: “دون سابق انذار هدموا لي سبع منشآت، كنت أطعم وقتها بعض الخراف التي بقيت في الحظيرة أعلافها”.
وشمل الهدم بركسين لتربية الماشية تبلغ مساحتهما 200 و300 م²، وحظيرة أغنام 500 م²، ومنشأة سكنية 80 م²، إضافة الى 3 خيم سكنية متفاوتة الأحجام؛ بحجة عدم الترخيص.
ومباشرة بعد أن أجهزت جرافات الاحتلال على كل المنشآت، بدأ سكان القرية بالتوافد إلى المكان لإعادة بنائه.
وخلال أقل من نصف ساعة، تواجد اكثر من 30 شابا عند الركام، وبدأوا باستصلاحه وإعادة بناء ما أمكن بناؤه.
يصرخ أحد المواطنين من بعيد وهو يتوسط عددا آخر: “أعطني وتدا هنا”. يردد آخرون نداءات يطلبون بها معدات قص. وشوهد المواطنون وهم يتوافدون ويحملون بأيديهم معدات بناء استخدموها لاحقا في استصلاح الركام.
وفي أغلب أماكن الهدم التي تحصل في مناطق طوباس والأغوار الشمالية، يتجمع الجيران عقب انتهاء الهدم مباشرة للمساعدة في البناء.
ويسري شعور من الرضى بين أهالي القرية المتواجدين عن طبيعة التعاون بينهم.
عند آخر نقطة من الطريق المعبدة نحو المنشآت المهدمة، تعمل مجموعة شبان في نقل صناديق الخضراوات من “بركسات” مسقوفة، إلى مركبات تجارية، لأخذها إلى الأسواق الفلسطينية، وأسواق الداخل.
لكن بعض هؤلاء الشبان تركوا العمل في مصالحهم الخاصة، وانخرطوا مع باقي الشبان في مساعدة الباقين في بناء ما هُدم اليوم.
يقول كرم ناجح (15) عاما: ” كنت أتناول “الشاي” فوق سطح بيتنا، رأيت الجرافات وانطلقت مسرعا نحوها لكنهم منعوني”.
ويضيف: “حاولت أكثر من 10 مرات في نصف ساعة دون فائدة، وعندما نجحت بدأت مباشرة بنقل المواسير المخلعة، وبعض الألواح الحديدية لمكان بعيد”.
وخلال ساعتين من الزمن، تمكن الحضور من إزالة الركام من مكان الهدم، وبناء حظيرة الأغنام من المواد التي استصلحوها.
يقول صوافطة: “هذه المنشآت مخطرة بالهدم قبل 8 سنوات، ومن ثم اخطار بالإخلاء، وتمكنا بعد ذلك من اصدار قرار احترازيا بعدم الهدم”.
وقبل اسبوع أيضا هدم الاحتلال منشآت سكنية، وحظائر أغنام في مناطق متفرقة من الأغوار الشمالية، والجنوبية، بحجة عدم الترخيص، رغم أن أصحابها يمتلكون قرارات احترازية بعدم الهدم.
يقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس، معتز بشارات: “الطريقة ذاتها، رغم القرارات الاحترازية التي يمتلكها المواطنون لكن الاحتلال يهدم (…)، لم يعودوا يحسبون لقرارات المحكمة أي حساب”.
ويسكن صوافطة وعائلته في هذه المنطقة منذ عام 2001، ويشتغل في تربية الماشية.
“بشكل طبيعي كنت سأبيت في العراء، وأغنامي دون حظيرة، لكن بهمة هؤلاء الشبان تمكنا من بناء الحظيرة والآن منزلا للعائلة”. يقول صوافطة.
وبحلول منتصف النهار، عاد قطيع الأغنام من المراعي المحيطة بالقرية، للشرب والاستراحة حتى العودة عصر اليوم، وكان لهذه الأغنام حظيرة تأويها هذه الليلة.
وبدأ ناشطون حقوقيون بمطالبة المؤسسات المانحة بسرعة تقديم الخيام بدلا لتلك التي هدمها الاحتلال اليوم، وحضرت بعض الجهات المختصة للمكان وبدأت برصد حجم تلك الاعتداءات.
وخلال حوار جانبي بين صوافطة ومواطن آخر، عن مصير عائلته الليلة، يقاطعه شبان يقصون بعض ألواح الحديد بالقرب منه، بأنهم سيبنون له مأوى قبل غروب الشمس.
وعلى مقربة من مكان الهدم تجلس عائلة صوافطة، تحت شجرة ظلت قائمة مكانها، وتحاول النساء بالقيام ببعض الأمور البسيطة من تعزيل، وإزالة الركام الخفيف”.
يقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان “بتسيلم”، على موقعه الالكتروني: الإدارة المدنية ترفض على نحوٍ شامل تقريبًا إصدار تراخيص بناء للفلسطينيين مهما كان نوع البناء- منازل أو مبانٍ زراعية أو مبانٍ عامّة أو مرافق ومنشآت بُنى تحتيّة.
وعندما يبني الفلسطينيون دون ترخيص -لأنّه لا خيار آخر لديهم- تصدر الإدارة المدنية أوامر هدم للمباني بعضها تنفّذه فعليًّا. وحيث لا ينفَّذ أمر الهدم يُجبر السكّان على العيش في انعدام يقين دائم.
وبحسب ما نشرته “بتسيلم” على موقعها الإلكتروني، فإنه في الفترة ما بين 2006 وأيلول 2017، هدمت “الإدارة المدنية” 698 وحدة سكنيّة على الأقلّ في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار، كان يسكنها 2948 مواطنا.