بيّنت معطيات قدمتها ما تسمى “الإدارة المدنية” التابعة للاحتلال الإسرائيلي أن سلطات الاحتلال قلصت بشكل ملموس عدد المزارعين الفلسطينيين الذين يسمح لهم بالعمل في أراضيهم التي تقع في ما يطلق عليها منطقة التماس، الواقعة بين جدار الفصل والخط الأخضر.
وبحسب المعطيات قدمتها الإدارة المدنية إلى “المركز لحماية الفرد”، فإن نسبة رفض إعطاء تصاريح للفلاحين الفلسطينيين للعمل في أراضيهم وصلت إلى 72% في عام 2018، مقابل 24% في عام 2014.
كما قلصت قوات الاحتلال عدد التصاريح للعمل الزراعي التي تعطى بشكل عام لأبناء عائلة صاحب الأرض للعمل معه أو لعمال آخرين.
وتؤكد هذه المعطيات على تقارير سابقة كانت قد أشارت إلى “عقبات بيروقراطية” تتم مراكمتها في السنوات الأربع الأخيرة أمام المزارعين الفلسطينيين، إضافة إلى ذرائع أمنية لتبرير الرفض.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة “هآرتس”، فإن الحديث عن أراض تصل مساحتها إلى 137 ألف دونم. ومنذ مطلع عام 2018 وحتى 25 تشرين الثاني/نوفمبر صادقت “الإدارة المدنية” على 1876 طلب حصول على تصريح زراعي من بين 7187 طلبا تم تقديمها. ما يعني أن هناك ارتفاعا بعشرات النسب المئوية في رفض إعطاء تصاريح مقارنة بعام 2014، حيث وصلت النسبة في حينه إلى 24%.
وأشار التقرير إلى أنه تم تقديم 4288 طلبا للحصول على تصريح زراعي، إضافة إلى 3221 طلبا للعمل الزراعي.
وبحسب معطيات الإدارة المدنية، فإن عدد طلبات للحصول على تصريح عمل زراعي تراجع من 24424 عام 2014 إلى 14857 عام 2017. وأن العدد تراجع عام 2018 إلى 2959. ووصلت نسبة رفض تصاريح العمل الزراعي في السنوات 2014 حتى 2017 إلى 30%، مقابل رفض نحو نصف الطلبات عام 2018.
وادعت الإدارة المدنية أن 2.2% من الطلبات بين السنوات 2015 حتى 2018 قد رفضت لذرائع أمنية. وفي طلبات أخرى ادعت أن بعض التفاصيل ناقصة أو أن الأرض لا تقع خلف الخط الأخضر أو أن الطلبات ينقصها بعض الوثائق، وهي ذرائع يؤكد غالبية المزارعين أنها ليست بسببهم.
وكان “المركز لحماية الفرد” قد بدأ عام 2009 بمعالجة طلبات مزارعين فلسطينيين لم يحصلوا على تصاريح للعمل في أراضيهم، بما في ذلك تقديم التماسات إلى المحاكم. وتمكن المركز في السنوات الثلاث الأخيرة من مساعدة 352 مزارعا في الحصول على تصاريح للعمل في أراضيهم. علما أن معالجة مثل هذه القضايا في الإدارة المدنية يستغرق شهورا طويلة يمنع خلالها المزارعون من العمل.
كما أشار التقرير إلى أن الإدارة المدنية تراكم ذرائع أخرى لتبرير الرفض مثل “عدم الالتزام بالمعايير” أو “وجود ما يكفي من التصاريح لقطعة الأرض”، أو “لا يوجد علاقة مع الأرض” أو “الأرض غير مفلوحة ولا يوجد علاقة مباشرة مع الأرض”.
وبين التقرير أنه في العام 2018 تم رفض 83% من الطلبات بذريعة “عدم الالتزام بالمعايير”، رغم أن الحديث عن مزارعين قد اعتادوا منذ عام 2002 على نظام التصاريح المتغير.
كما يتذرع موظفو الإدارة المدنية شفهيا أمام المزارعين بأن “قطعة الأرض أصغر من أن يتم استغلالها”.
وأظهر التقرير أن الإدارة المدنية لا تعترف بابن أو زوجة صاحب الأرض كمن يملكون حقوق ملكية، ولذلك فهم بحاجة إلى تصاريح دخول إلى أراضيهم كعمال، في حال كانت قطعة الارض كبيرة بما يتناسب مع معايير الإدارة المدنية.
كما تبين أن الإدارة المدنية تفرض عملية تقسيم ملكية الأرض على الورثة المباشرين، الأمر الذي يقود إلى تقسيم بعض الأراضي إلى قطع صغيرة، وعندها تتذرع بأن مساحة الأرض أصغر من أن تستغل. وفي العام 2018 تم رفض 31 طلبا بهذه الذريعة، مقارنة بـ 9 طلبات عام 2017.
وأشار التقرير إلى أن الإدارة المدنية ماطلت مدة 17 شهرا في تقديم هذه المعطيات، ولم تقدمها إلا بعد أن توجه المركز إلى المحكمة العليا.
وقال المديرة العامة للمركز إن هذه المعطيات تؤكد أنه خلافا لقرار المحكمة العليا بشأن الاعتراف بحق المزارعين في العمل في أراضيهم مع عائلاتهم وعمالهم، فإن جيش الاحتلال يعمل بشكل منهجي على سلب هذا الحق الأساسي، وتقليص دخولهم إلى أراضيهم، تمهيدا لنهب هذه الأراضي.