بالأمس غابت التعليقات والتحليلات حول الاستفتاء التركي عن الصحافة البريطانية ربما لأن النتائج ظهرت في ساعة متأخرة، لكن صحف اليوم حافلة بها.
ففي صحيفة “الفاينانشال تايمز” تحمل الافتتاحية عنوان “نصر مر لسلطان تركيا الجديد”.
لم يكن على بطاقة التصويت في الاستفتاء سوء خيار “نعم” و “لا”، لكن الفوز الضعيف لمعسكر “نعم” سيكون نقطة تحول في تاريخ الدولة التركية، كما ترى الصحيفة.
وترى الافتتاحية أن الدستور الجديد سيحول رئيس الدولة إلى “سلطان حديث” بسلطات لا رقابة عليها.
لكن إردوغان لم يفز بتفويض قوي، ففيي أنقرة وإسطنبول صوت المواطنون بلا ، حتى في المناطق التي تعتبر معقل لحزب الحرية والعدالة، حزب إردوغان.
وفي الجنوب الشرقي صوت الأكراد بلا كذلك.
وتطالب أحزاب المعارضة بإعادة فرز بطاقات التصويت وتعدادها، بعد أن أجازت لجنة الانتخابات العليا قبول بطاقات تصويت لا تحمل ختم الدولة.
وترى الافتتاحية أن الرئيس سيستنتج أن الإجراءات التي قسمت الشعب التركي أتت أكلها، فها هو يستعد لتمديد حالة الطوارئ التي أعلنها عقب الانقلاب الفاشل الذي وقع الصيف الماضي.
أما في صحيفة الغارديان فكتب يافوز بيدر، أحدد مؤسسي منصة P24 للصحافة المستقلة في تركيا في مقال بعنوان “الجمهورية التركية كانت مريضة، بعد الاستفتاء أصبحت ميتة”.
يقول بيدر: انتهت اللعبة، ولم تكن هناك مفاجآت كثيرة. أظهرت النتائج المتقاربة حقيقة أن شعبنا منقسم، كنتيجة لسياسة رجب طيب إردوغان الاستقطابية.
ولا يبدو بيدر متفائلا بالأصوات التي تنادي بإعادة تعداد قسائم الاقتراع، فهو يرى أنهم سيصابون بخيبة أمل.
ويقول “تركيا التي نعرفها انتهت، أصبحت تاريخا”، انتهت الدولة العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك على يد رئيس حزب العدالة والتنمية.
ويشبه بيدر الوضع بالأحداث التي وقعت في ألمانيا بدءا من عام 1933: حريق الرايخستاغ، وليلة السكاكين الطويلة، ثم الاستفتاء الذي أعقب ذلك عام 1934، كما أن التاريخ يكرر نفسه بطريقة القص واللصق.
الأمير هاري والشبان المحرومون من المساعدة
ومن المواضيع التي اهتمت الصحف البريطانية الصادرة صباح الثلاثاء بعرضها حديث الأمير هاري عن أزمته النفسية بفقدان والدته عندما كان طفلا، وما أثارته من ردود أفعال.
في صحيفة الغارديان كتبت سوزان مور مقالا بعنوان “هاري حصل على المساعدة، والكثيرون يستحقونها”.
تسترجع الكاتبة ذكرياتها عن جنازة الأميرة الراحلة ديانا، وتقول إنها رأت الطفلين، هاري وويليام، وحيدين، ولم تر أن أحدا كان إلى جانبهما، يساندهما في محنتهما.
تستطرد الكاتبة في وصف الطفلين يمشيان خلف كفن والدتهما برأسين منكسين، وتقول إنه يبدو أن الجميع رأى أنها يحتفظان برباطة جأشهما.
وتشير الكاتبة إلى مقابلة الأمير هاري بعد عشرين عاما من الحدث مع صحيفة الديلي تلغراف ووصفه لمعاناته اللاحقة، وقوله إن على الإنسان أن يتحدث عن أحزانه ولا يدفنها في أعماقه.
وتردد صحيفة اللديلي تلغراف في افتتاحيتها بعنوان “نحن بحاجة لاستراتيجية في الصحة النفسية” أفكارا مشابهة.
وتقول الصجيفة إن حديث الأمير هاري الشجاع حول الصحة النفسية يجب أن يؤدي إلى نقاش عام.
وترى الصحيفة أن نسبة القلق في المجتمع عالية، وأنه يطلب من الناس العمل لوقت أطول مقابل أجر أقل ، بينما تؤدي التكنولوجيا إلى توهان الأشخاص.
وتقول إن جميع فئات المجتمع في خطر.
ثم تنتقل الكاتبة للحديثة عن أشخاص مروا بمحنة هاري وويليام ولكنهم لا يحصلون على المساعدة المطلوبة، وكل ما يحصلون عليه هو مضادات الاكتئاب، وفي أحسن الأحوال أو عددا قليلا من جلسات “العلاج بالمعرفة”.
وفي كثير من الحالات يضطر المريض للذهاب إلى مستشفيات بعيدة عن مكان سكنه، لعدم توفر الأسرة في مستشفيات قريبة.
وتقول الكاتبة إن النشاطات الخيرية للعائلة الملكية يمكن أن تساعد في التعامل مع الوضع، لكن هناك حاجة للتفكير بكيف يواجه المجتمع بأكمله انتشار المشاكل النفسية في أوساط الشباب.