وصفت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، “ميشيل باشليت”، يوم الثلاثاء، أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالـ “كارثية”، مع حدوث انتهاكات خطيرة تطال حوالي أربعة ملايين شخص.
وقالت “باشليت” خلال إحاطة قدمتها أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف في مدينة جينيف السويسرية: “من الواضح أن لهذا أيضًا تأثيرات مدمرة على آفاق السلام والتنمية المستدامة في المنطقة”.
وأكدت أن “إنهاء الاحتلال هو وحده الذي يمكن أن يحقق السلام الدائم ويخلق الظروف التي يمكن فيها احترام حقوق الإنسان للجميع احتراماً كاملاً”.
وتطرقت “باشليت” في إحاطتها، إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة، والذي أسفر عن استشهاد 261 فلسطينيًا بينهم 67 طفلا، مشيرةً إلى أن مجلس حقوق الإنسان قرر في حينها تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، ومن المقرر أن تقدم أول تقرير لها في حزيران/ يونيو من العام المقبل.
وقالت المفوضة السامية: “ما يزال سكان غزة يعانون أيضًا من حصار بري وبحري وجوي تفرضه إسرائيل منذ 15 عامًا، مع انهيار في البنية التحتية الحيوية”، مشددةً على أن “القيود المشددة على الحركة والعوائق التي تحول دون وصول الناس إلى السلع والخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية المتخصصة، تولّد معاناة هائلة”.
ولفتت إلى أنه على الرغم من استمرار جهود إعادة الإعمار، والسماح للبضائع بدخول غزة تدريجيًا، إلا أن الأوضاع الإنسانية “تظل مقلقة للغاية”.
المؤسسات الست
كما تطرقت “باشليت” إلى القرار الإسرائيلي بتصنيف ست منظمات مجتمع مدني فلسطينية على أنها “منظمات إرهابية” بموجب قانون مكافحة الإرهاب الإسرائيلي لعام 2016، مشيرة إلى أن هذا القرار “يبدو أنه استند إلى أسباب غامضة أو غير مؤكدة، بما في ذلك الادعاءات المتعلقة بأنشطة حقوق الإنسان المشروعة والسلمية تمامًا”.
وأضافت أن “جميع المنظمات الست عملت مع المجتمع الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، على مدى عقود”.
واعتبرت “باشليت” أن المزاعم بوجود صلات بالإرهاب “خطيرة للغاية”، ولكن “بدون أدلة موضوعية كافية، تبدو هذه القرارات تعسفية، وتزيد من تآكل الحيز المدني والإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة”.
وقالت: “يمكن بالتالي اعتبارها هجومًا على المدافعين عن حقوق الإنسان، والحق في حرية تشكيل الجمعيات، والرأي والتعبير، والحق في المشاركة العامة”.
تصاعد القتل
وعلى صعيد متصل، عبّرت المفوضة السامية عن مخاوفها العميقة من “تزايد حالات قتل وجرح الفلسطينيين على أيدي القوات الإسرائيلية والمستوطنين المسلحين”، لافتةً إلى “تكرار حالات الاستخدام المفرط للقوة التي أدت إلى مقتل وإصابة أطفال فلسطينيين، حيث قتلت القوات الإسرائيلية هذا العام 16 طفلاً في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية”.
ودعت إلى “إجراء تحقيقات ومساءلة”، مشيرةً إلى أن “الإفلات المزمن من العقاب” قد أثير مراراً وتكراراً في تقارير الأمين العام وتقاريرها.
وقالت إن العنف المرتبط بالمستوطنين ضد الفلسطينيين، يقف الآن عند “مستويات عالية بشكل ينذر بالخطر”.
ولفتت في إحاطتها إلى أن العام الماضي شهد 490 اعتداء للمستوطنين أدت إلى استشهاد أو إصابة فلسطينيين، إلى جانب إلحاق أضرار جسيمة في ممتلكاتهم، وهو أعلى معدل لعنف المستوطنين سجلته الأمم المتحدة على الإطلاق، مشيرةً إلى أنه يتم حاليًا تسجيل حادثة اعتداء واحدة على الأقل كل يوم.
كما سلطت باشليت الضوء على معاناة الأطفال الفلسطينيين جراء الاحتلال وممارساته، موضحةً أن 75% من الأطفال في قطاع غزة بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي وخدمات صحية أخرى وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، كما تعتقل إسرائيل حاليًا 160 طفلاً فلسطينيًا، بعضهم دون تهمة، بموجب أنظمة “الاعتقال الإداري”.
وأكدت أنه “بموجب القانون الدولي، لا يُسمح بالاعتقال الإداري إلا في ظروف استثنائية”، مشيرة إلى أن مكتبها يواصل تلقي تقارير “مقلقة” عن إساءة معاملة الأطفال أثناء اعتقالهم ونقلهم واستجوابهم واحتجازهم من قبل السلطات الإسرائيلية.