أكد تحقيقٌ لموقع “شمومريم“، يوم الأحد، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تواصل توسيع شبكات الطرق الاستيطانية في الضفة الغربية، بشق مئات الكيلومترات من الطرق الجديدة، لربط المستوطنات والبؤر الاستيطانية غير المرخصة، مما يعزز من سيطرة المستوطنين على الأراضي الفلسطينية ويعرقل وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية.
ويُشدد التحقيق أن شبكة الطرق هذه تتلقى دعمًا حكوميًا مباشرًا وغير مباشر، ما يجعل من الصعب على الفلسطينيين ممارسة حقوقهم في أراضيهم، ويعزز من الخطة الإسرائيلية لضم الضفة الغربية.
وتحدث تحقيق “شمومريم” عن طريق ترابي تم إنشاؤه شرقي قرية مخماس إلى الشمال الشرقي لمدينة القدس، مبينة أن الطريق يربط بؤرة “نحلات تسفي” الاستيطانية التي أقيمت عام 2022 بامتداد جديد للبؤر الاستيطانية التي أقيمت مؤخرًا، ونتيجة لهذا الطريق لم يعد أصحاب الأراضي في المنطقة يستطيعون الوصول إلى كل هذه المنطقة، وإذا حاولوا الوصول فإنهم يتعرضون لاعتداءات من المستوطنين في المنطقة.
وقام المستوطنون بتعبيد هذا الطريق في شهر تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، واستمر ذلك قرابة أسبوع، وتم تنفيذها ليلاً. ورغم الاتصالات التي قام بها أهل المنطقة مع مكتب التنسيق والارتباط وجهاز شرطة الاحتلال، إلا أنهم لم يفعلوا شيئًا لمنع تعبيد هذا الطريق، رغم أنهم قاموا سابقًا بتدمير طريق أنشأه أهل مخماس.
وبيَّن التحقيق، أنه في ظل حكومة المستوطنين التي يقودها ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، هناك زخمٌ ملحوظٌ في إنشاء وتعبيد الطرق غير المرخصة بدعم حكومي مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى بعض الطرق التي تمَّ الموافقة عليها من الجهات الرسمية بتكلفة مليارات الدولارات، وهذه الطرق لا تمنع الفلسطينيين فقط من الوصول لأراضيهم الزراعية، بل إنها تُغيِّر وجه الضفة الغربية، وتخلق فعليًا البنية التحتية للضم الإسرائيلي.
وأشار التحقيق إلى تعاظم انتشار المزارع الاستيطانية، المعروفة باسم “الاستيطان الرعوي”، ودورها في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، مبينًا أن زعماء المستوطنين يُصرحون علانية أن هدف هذه المزارع هو “الاستيلاء على أقصى قدر من الأراضي بأقل عدد من المستوطنين”.
وتُشكل الطرق التي يتم شقها إلى هذه المزارع “شريان حياة” لها” بحسب التحقيق، فهي لا تمكن المستوطنين من الوصول إليها فحسب، بل تعمل أيضًا على ترسيم الأراضي المحتلة.
ويتناول التحقيق طريقًا في محيط قرية مغاير الدير قرب بلدة مخماس، مبينًا أن أهل القرية فوجئوا قبل ثلاثة أسابيع باكتشاف أدوات هندسية يستخدمها المستوطنون في الجانب الشمالي من قريتهم، على بعد أمتار قليلة من منازلهم، وقد أظهر المستوطنون للأهالي تصريحًا من مجلس بنيامين الاستيطاني يسمح لهم “بالقيام بأعمال لحماية أراضي الدولة”. وتسببت جرافة المستوطنين العاملة في المنطقة بقطع كابل كهربائي، وحتى أنها هددت بهدم أحد المنازل، بحسب الأهالي.
وسهَّلت هذه الطرق وصول المستوطنين من المزارع الاستيطانية إلى القرى الفلسطينية، بالجرارات والسيارات وحتى سيرًا على الأقدام، كما حدث في خربة أم المراجم، قرب قرية دوما قضاء نابلس، حيث اقتحم مستوطنون من مزرعة “جال يوسف” الاستيطانية -التي أقيمت العام الماضي- الخربة مؤخرًا، وأحرقوا منزلاً وسيارة، وقد كان وصولهم السريع إلى المنطقة عبر الطريق الذي يتجه من المزرعة الاستيطانية نحو الجنوب ويمر بجوار الخربة مباشرة.
139 طريقًا غير مرخص في عام
ولا تنشر المنظومة الرسمية في دولة الاحتلال الإسرائيلي أي معلومات حول الطرق الجديدة التي يتم شقها في الأراضي الفلسطينية، غير أن تقريرًا لمنظمة “السلام الآن” -يُتوقع أن يُنشر قريبًا- يُحلِّل هذه الظاهرة ويكشف عن نطاقها، استنادًا إلى الصور الجوية، مبينًا أنه في الفترة من منتصف عام 2023 إلى منتصف عام 2024 تم شق 139 طريقًا غير مرخص في الضفة الغربية، بإجمالي طول 116 كيلومترًا.
ويُبين تقرير منظمة “السلام الآن” أنه تم شق 25 طريقًا لإقامة بؤر استيطانية جديدة، و31 طريقًا لتوسيع بؤر استيطانية قائمة، وثمانية طرق بين بؤرة استيطانية قائمة وأقرب مستوطنة، و46 طريقًا للسماح بالوصول إلى مناطق لا يوجد فيها حاليًا أي تواجد دائم للمستوطنين.
ويؤكد التقرير، أنه في جميع هذه الطرق لم يتم إعداد أي خطة بناء، ولم يتم إصدار أي تصريح قانوني بالعمل فيها، مشيرًا إلى أن ثلثي هذه الأراضي يمر عبر أراضي فلسطينية خاصة، ورغم ذلك فإنها مخصصة للاستخدام الحصري للمستوطنين، ويُمنع الفلسطينيون من استخدامها.
وتحظى البؤر الاستيطانية غير المرخصة بدعم حكومي، ومن بين قنوات التمويل، دائرة الاستيطان في المنظمة الصهيونية العالمية الذي يتم تمويله من قبل الحكومة الإسرائيلية. وفي مؤتمر ديني صهيوني خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، قدم المدير العام لدائرة الاستيطان، هوشع هراري، عرضًا لكيفية استثمار الدائرة في عام 2023 ما يقرب من 75 مليون شيكل لدعم المزارع والبؤر الاستيطانية غير المرخصة، بما في ذلك 7.7 مليون شيكل مخصصة لشق الطرق.
وفي أعقاب الحرب، حصلت دائرة الاستيطان على ميزانية إضافية قدرها 75 مليون شيكل “لدعم المكونات الأمنية” في المستوطنات، بما يشمل مواقع حراسة وكاميرات مراقبة.
ويكشف تحقيق “شمومريم” عن طريقة أخرى لتمويل الطرق غير المرخصة، من خلال ميزانية وزارة الاستيطان مباشرة، التي تدعم، من جانبها، دوائر دوريات الأراضي التي تديرها المجالس الاستيطانية في الضفة الغربية، وهذه الدوائر تهدف إلى مراقبة ومنع عمليات التخطيط والبناء في مناطق ج، وقد تتلقى دعمًا حكوميًا “لشق الطرق وتجديد الطرق الترابية”.
وتظهر وثائق وزارة الاستيطان أن مجلس مستوطنات جبل الخليل حصل على 1.1 مليون شيكل العام الماضي لدعم مشروع يتضمن شق طريق في منطقة سوسيا، وضمن هذا المشروع، حصل مجلس “غوش عتصيون” الاستيطاني على 958 ألف شيكل “لتحسين الطرق القائمة لحماية أراضي الدولة في التلال”، بينما حصل مجلس بنيامين الاستيطاني على حوالي 1.9 مليون شيكل لستة مشاريع مختلفة لشق الطرق.
عن الترا فلسطين