عميره هاس- هآرتس
فلسطيني ذهب لتقديم شكوى بسبب الإعتداء عليه، لكنه اكتشف أن هناك أمراً باعتقاله، وهذه طريقة ناجعة لمنع الفلسطينيين من مواجهة المستوطنين الذين يقومون بالاعتداء عليهم –
إليكم الحقائق: خمسة اسرائيليين، أحدهم يلبس خوذة الدراجة الكبيرة التي تغطي وجهه، يقومون بمنع راعي (21 سنة) من اجتياز الشارع مع قطيعه، منزله يوجد غربي الشارع على بعد 200 متر، على الأقل اثنان منهم يسكنون في منزل غير قانوني، يصرخون عليه ويقتربون بشكل مهدد منه، ويصعد من الواحد أخويه مع قطعانهما، ويبلغون 12 و14 سنة من أعمارهما، الإخوة الكبار توقفوا منذ زمن عن الخروج للرعي بسبب الصراخ والاعتداءات والتهديد والخوف، عائلة أخرى كانت ستغادر المنطقة إلى الأبد، بالضبط لنفس السبب.
إن ما حدث لهؤلاء يحدث طوال الوقت في الضفة الغربية، لكن هذه الحقيقة لا تضعضع الأغلبية الاسرائيلية الصامتة، وحقيقة أن ما حدث هو تلخيص ومثال للطريقة على جانبي الخط الأخضر، وجزء لا يتجزأ منها تكفي كي نتعاطى مع الحقيقة وكأنها ليست حقيقة.
إن حقيقة ما حدث لهم، حدث ويحدث وسيحدث للآخرين، لا يمكنها التخفيف على عائلة أبو قبيطة.
عائلة أبو قبيطة تعيش في جنوب جبل الخليل، على أرض عاش فيها الأجداد قبل إعلان وعد بلفور بكثير، وهي جزء من النسيج الإنساني والاقتصادي والاجتماعي والعلاقة المتبادلة بين يطا وقرى المنطقة.
هذا النسيج لم يتلاشى رغم أن الموقع الجغرافي تم تقسيمه، بعد العام 1948 تم هدم قرية قريطين كانت تعيش فيها العائلة في الشتاء، وانتقلت عدة كيلومترات باتجاه الغرب، إلى المنطقة التي كانت تعيش فيها في الأشهر الأكثر دفئا. وقد استمرت العائلة في الرعي وفلاحة الأرض بأشجار الزيتون بعد العام 1967 أيضا، في العام 1983 بنيت في الجوار مستوطنة بيت يتير.
وكانت هناك محاولات غير ناجحة لطرد أبناء عائلة أبو قبيطة من منزلهم بشكل دائم، وكانت محاولات ناجحة لمنعها من الوصول إلى أراضي الرعي، والإدارة المدنية تمنع العائلة من البناء ومن استخدام البنى التحتية، أما المنازل الاسرائيلية فهي تتوسع وإلى جانبها عدة بيوت قديمة بدون اسم أو لافتة مع عدد قليل من السكان، خردة وطريق ترابية.
في بداية سنوات الألفين تم بناء حاجز يتير على بعد مئات الامتار من بيت عائلة أبو قبيطة، داخل أراضي الضفة الغربية، أبناء العائلة الستون يحتاجون إلى تصريح خاص لعبور الحاجز، الاصدقاء وأبناء العائلة الفلسطينيين ممنوعون من زيارتهم لأن هذه تعتبر “منطقة اسرائيلية”، وممنوع مرور القطيع من الحاجز، وممنوع على أبو قبيطة التواجد على مسافة كيلومتر جنوبا، لأن هذا داخل الخط الأخضر، إنهم يعيشون فيما يشبه السجن، والجدران هي الخط الأخضر والحاجز والمستوطنة والبؤر الاستيطانية والاعتداء.
في يوم الأحد، 26 شباط، خرج محمود أبو قبيطة لرعي أغنامه في الوادي في خربة أميرة، شرق المنازل، في منطقة كان يحرسها حتى ما قبل بضع سنوات ويقوم بفلاحتها.
وعند الظهيرة استبدله اثنان من أبنائه وابن عمه، وعندها وصلته مكالمة مستعجلة: الجيران من البؤرة الاستيطانية يمنعونهم من العودة إلى البيت ويحاولون تشتيت القطيع، وأحد ما نجح في توثيق الشخص الذي يضع الخوذة وهو يصرخ على ابن العم باللغة العبرية قائلا: “لماذا أنت هنا، أجبني”. وقد حاول ابن العم القول بأن هذا هو المكان الذي يرعون فيه طوال الوقت، الصارخ لم يهتم، والده الذي أقام المزرعة هو يعقوب تاليا الذي هاجر إلى هنا من جنوب أفريقيا.
محمود أبو قبيطة سارع إلى المكان قرب الشارع، وإلى جانب الطريق التي تؤدي إلى المزرعة غير القانونية، كان يعرف أن عليه منع الاحتكاك، وهذا بالضبط ما يريده الجيران اليهود كي يكون هناك مبرراً “أمنيا” لطرد كل العائلة. تم منع الاحتكاك وعاد القطيع والرعاة وفوقهم الغيمة الثقيلة: هذا سيحدث مرة تلو الأخرى.
في يوم الأربعاء، 1 آذار، ذهب لتقديم شكوى للشرطة في كريات أربع، رغم أنه عرف أنها ستُدفن في المقبرة التي دفنت فيها آلاف الشكاوى التي قدمها هو وآلاف الفلسطينيين الآخرين، الضابط صالح عيسات سجل الشكوى، وفي الطريق إلى الشرطة اتصل معه ضابط باسم غسان بيبار وقال له إنه يريد استيضاح بعض الأمور، وبعد تقديم الشكوى ذهب إلى بيبار، وتبين له أنه صدر بحقه أمر اعتقال بتهمة محاولة الاعتداء والدخول إلى منطقة محظورة وأنه ستتم محاكمته في المحكمة العسكرية في عوفر في 3 أيلول.
بعد تحقيق استمر ساعتين طلب منه دفع ألفي شيكل كفالة، ولم يكن بحوزته هذا المبلغ، والضابط لم يوافق على تقليص المبلغ، أبو قبيطة اتصل هنا وهناك إلى أن جاء شخص مع المبلغ المطلوب.
المتحدث بلسان شرطة محوز شاي قال للصحيفة: “الحديث يدور عن شكاوى متبادلة قدمها الجيران ضد بعضهم البعض حول الاعتداء وتجاوز الحدود، وسيتم فحص الشكاوى”. المتحدث بلسان الشرطة لم يجب على سؤال هل تم اعتقال الاسرائيلي والتحقيق معهم واستدعاءه للمحكمة ودفع الكفالة من أجل اطلاق سراحه.
الاستنتاج: ابن العم الذي تم الهجوم عليه يخشى من تقديم الشكوى، فليس لديه 2000 شيكل للكفالة والمال للمحامي، اذا تم استدعاءه للمحكمة.