أصدر قاض فيدرالي أمريكيّ يوم الخميس، أمرًا مؤقتًا أوقف بموجبه قانونًا يمنع المتعاقدين مع حكومة ولاية تكساس من مقاطعة إسرائيل، وهو ما يعتبر انتصارًا لحرية التعبير، ولحركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، ونكسة للوبي الإسرائيلي ولقادة الولاية الأمريكية المعروفة بتبنيها لمواقف الحزب الجمهوري.
ويمنع القرار الذي اتخذه القاضي الفيدرالي روبرت بيتمان، حكومة ولاية تكساس من إنفاذ القانون الصادر منذ عامين، منحازًا بذلك لأخصائية أمراض النطق الفلسطينية بهية عموي، التي فقدت منصبها في منطقة مدرسة فلوجرفيل في شهر تشرين الأول 2018 عندما رفضت التوقيع على عقد عمل تتعهد فيه بأنها لا تقاطع إسرائيل ولن تفعل ذلك خلال الفترة المتبقية من العقد.
وأفادت عموي، الأم الفلسطينية الأميركية البالغة من العمر (46 عامًا) في شهادتها بقاعة محكمة بيتمان في عاصمة ولاية تكساس، مدينة أوستن الشهر الماضي، أنها ترفض شراء سلع معينة مثل الحمص ولُعب الفصول الدراسية التي تصنعها الشركات الإسرائيلية. وقالت أمام العشرات من أفراد الجالية المسلمة المحلية، إن إسرائيل لطالما أساءت معاملة أسرتها والفلسطينيين الآخرين وأنها لم تستطع أن تشهد بأنها سترفض مقاطعة إسرائيل.
ويشار إلى أنه في عام 2017، وقّع حاكم الولاية الجمهوري، جريج أبوت، قانونًا يمنع الكيانات الحكومية من التعاقد مع الشركات التي تقاطع إسرائيل، الشريك التجاري الرابع لولاية تكساس، والاستثمار فيها. وجاء القانون رفضًا لحركة “المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات BDS”، التي تسعى إلى تغيير السياسة الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين على اعتبار أن ذلك يتماشى مع حق الولاية الدستوري في مقاطعة حركة المقاطعة، بحسب المدعي العام في ولاية تكساس، كين باكستون.
لكن القاضي بيتمان والذي عيّنه الرئيس باراك أوباما في المحكمة عام 2014، لم يقتنع من قبل محامي الولاية في جلسة استماع الشهر الماضي، أنّ هذا مقبولًا. وتساءل “ما هي مصلحة تكساس في هذا القانون؟”. وأشار ضمنيًآ إلى أنّ ذلك يتعارض مع الدستور الأمريكي.
ويمهد القرار الضقائي الجديد الطريق أمام عودة عموي إلى منصبها لتدريس الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و4 و5 أعوام.
وقالت متحدثة باسم بلدة راوند روك التي تسكنها عموي، في بيان إن المنطقة التعليمية بفلوجرفيل “تمتعت بعلاقات العمل مع السيدة عموي، ونقدّر الفرصة للاستفادة من خدماتها في المستقبل، نأمل أن يجد نزاع المحكمة طريقة لحل سريع لجميع المعنيين”.
ويشار إلى أن انتصار المدرّسة الفلسطينية “عموي” ليس النصر الوحيد المؤيد لحركة المقاطعة الذي حققه الحاكم بيتمان يوم الخميس. حيث رفض القاضي التماسات لرفض الدعاوى القضائية ذات الصلة التي رفعتها جامعة هيوستن وتكساس إيه آند إم، وكذلك مدينتي لويسفيل وكلاين. إثر الطلب من رجلين كانا يريدان أن يكونا قاضيين أن يقوما في البداية بتوثيق يقولان إنهما لا يقاطعان إسرائيل.
ووصفت محامي عموي، غدير عباس (فلسطينية الأصل)، الحكم بأنه “انتصار كامل للتعديل الأول في الدستور الأميركي (الذي يضمن حرية التعبير) ضد محاولة حاكم الولاية أبوت، قمع حقوق مواطني ولاية تكساس في ممارسة حقوقهم الدستورية”.
وأضافت، “يجب أن يرسل هذا الانتصار تحذيرًا هامًا للمشرعين الفيدراليين ومشرعي الولاية في جميع أنحاء البلاد الذين سعوا لقمع حقوق الأميركيين في الانخراط في التقاليد الأميركية الرائعة للتعبير عن آرائهم عبر المقاطعة. ستكون هذه وصمة عار على سجل حاكم الولاية أبوت إلى الأبد”.
يشار إلى أنه في كانون الثاني 2019، أقر “مجلس الشيوخ” الفيدرالي مشروع قانون يدعم مناهضة الولايات للمقاطعة، بما فيها الأنشطة التجارية في المستوطنات. وفي آذار/ مارس قدّم مشرّعون فيدراليون قرارات في مجلسَيْ الشيوخ والنواب لإدانة مقاطعة إسرائيل بل وتجريمها، لكن مشروع القانون لم يحضر أمام مجلس النواب بعد، حيث أن من المتوقع أن يفشل.
يجدر بالذكر أن قوانين مناهضة المقاطعة في الولايات المتحدة هي جزء من حملة تتصاعد عالميًا بقيادة إسرائيل وداعميها لمحاربة المؤيدين المحتملين لحركة المقاطعة. تدعو حركة المقاطعة إلى مقاطعة إسرائيل حتى تُنهي الاحتلال، وتعامل المواطنين الفلسطينيين على قدم المساواة، وتقرّ بالحق المعترف به دوليًا للاجئين الفلسطينيين والمتحدرين منهم في العودة إلى ديارهم التي طُردوا أو فرّوا منها عند إنشاء إسرائيل.
وفي عام 2011، اعتمد “الكنيست” الإسرائيلي قانونًا يسمح للأشخاص برفع دعاوى وطلب جبر الضرر ضدّ كل من يدعو علنًا إلى مقاطعة إسرائيل، التي تُعرَّف على أنها تشمل المستوطنات. في آذار 2017، عُدّل “قانون دخول البلاد”، فصار بإمكان السلطات رفض دخول النشطاء الذين يدعون علنًا إلى مقاطعة إسرائيل أو التزموا بالانخراط فيها.
من جهتها قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الثلاثاء، 23 نيسان 2019، إن عددًا من الولايات الأميركية تستخدم القوانين والأوامر التنفيذية الخاصة بمناهضة المقاطعة لمعاقبة الشركات التي ترفض التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية.
ويعيش أكثر من 250 مليون أميركي، نحو 78 في المئة من السكان، في ولايات ذات قوانين أو سياسات مناهضة للمقاطعة، حيث تبنّت 27 ولاية قوانين أو سياسات تعاقب الشركات أو المنظمات أو الأفراد الذين يشاركون في مقاطعة إسرائيل أو يطالبون بذلك. ولا تستهدف القوانين أو السياسات في 17 من تلك الولايات بشكل صريح الشركات التي ترفض القيام بأعمال تجارية داخل إسرائيل أو معها فحسب، بل تستهدف أيضًا الشركات التي ترفض القيام بأعمال تجارية في المستوطنات الإسرائيلية. بعض الولايات التي لا تنطبق قوانينها بشكل صريح على المستوطنات عاقبت أيضًا الشركات التي قطعت علاقاتها بالمستوطنات.
وقالت أندريا براسو، نائبة مديرة “المناصرة” في برنامج الولايات المتحدة في هيومن رايتس ووتش أن “الولايات التي لديها قوانين لمكافحة المقاطعة تقول فعليا للشركات: إذا فعلتِ الصواب وابتعدتِ عن انتهاكات المستوطنات، لن يمكنكِ العمل معنا. على الولايات تشجيع الشركات التي تتجنب المساهمة في انتهاكات الحقوق، وليس معاقبتها”.
وقالت هيومان رايتس ووتش إنه من المستحيل ممارسة الأعمال التجارية في المستوطنات دون المساهمة في انتهاكات حقوق الإنسان وخروقات القانون الإنساني الدولي أو الاستفادة منها، حيث تهدف قوانين مناهضة المقاطعة إلى منع الشركات من قطع علاقاتها مع المستوطنات ومن إنهاء مشاركتها في الانتهاكات الحقوقية هناك. على الولايات إلغاء قوانين مناهضة المقاطعة التي تعاقب الشركات على اتخاذ إجراءات تنهي مشاركتها في انتهاكات الحقوق.