Home / صحف / صحف عبرية / “تطهير عرقي” في الضفة تمهيداً لـ “الترانسفير الكبير”
Israeli settlers gather in an attempt to reestablish an illegal settlement outpost called Or Haim, near the settelment of Migdalim, in the north of occupied West Bank on January 22, 2023. (Photo by GIL COHEN-MAGEN / AFP)

“تطهير عرقي” في الضفة تمهيداً لـ “الترانسفير الكبير”

بقلم: جدعون ليفي
بعيداً عن أعين الجميع، وعلى هامش الساحة الخلفية المظلمة، يحدث تطهير عرقي. فما ظهر قبل بضعة أشهر كمجموعة عشوائية لأعمال عنف ينفذها مستوطنون مشاغبون، يعتدون وينكلون بجيرانهم بسادية، ولا يترددون في ضرب الشيوخ والاطفال بقضبان الحديد، تنمو امام عيوننا العمياء، وتصل الى أبعاد وحشية. الآن لم يعد هذا مجرد تجمع بالصدفة. الآن أصبح هذا سياسة، بدعم من النظام أو بغض نظره. الآن لم يعد بالامكان التجاهل. يبدو هذا أشبه بتطهير عرقي، ويتصرف مثل التطهير العرقي، لذلك هو تطهير عرقي.
في الاشهر الثلاثة الاخيرة قمت بزيارة ثلاثة تجمعات للرعاة، اضطروا الى مغادرة قراهم في ارجاء الضفة خوفا من المستوطنين، وكانت هناك أسباب اخرى. استسلمت ثلاث قرى صغيرة واخليت، وانتشرت تجمعاتها في الارجاء، حيث تدمر نسيج حياتها، وآلاف الدونمات “تم تطهيرها” واستولى عليها زعران المستوطنين.
في حزيران هرب تجمع عين سامية، 200 شخص بينهم عشرات الاطفال، من اجل النجاة بأنفسهم من ذعر المستوطنين في البؤر الاستيطانية التي توجد على سفوح كوخاف هشاحر. في تموز كان تجمع الرعاة في خربة أبو وداد، الذي هرب سكانه خوفا من سكان مستوطنة حفات متاريم، وفي هذا الاسبوع كنت في تجمع الرعاة في البقعة، حيث هربوا للنجاة بأنفسهم وتركوا اراضيهم التي عاشوا فيها في الاربعين سنة الاخيرة، خوفا من مستوطني متسبيه حجيت ونفيه ايرز ومتسبيه دانيا. تنكيل لا يتوقف، ازداد جدا منذ صعود الحكومة الحالية الى السلطة، وقد أثمر.
من اجل أن يغادر الرعاة قراهم، حيث يعيشون في ظروف بدائية بدون كهرباء وبدون مياه وبدون أدنى قدر من الخدمات، يجب أن يحدث شيء ما كبير حقا. هؤلاء الناس هم رعاة شجعان صفعتهم اشعة الشمس والصعوبات، وعاشوا في تجمعاتهم عشرات السنين، ولدوا فيها وولد فيها اولادهم، وقرروا ذات يوم الاستسلام ورفع الايدي والمغادرة، وتنازلوا عن الصمود الذي تم وصمه بنكبة 1948 على أمل أن لا يتكرر ذلك مرة اخرى.
جميعهم يروون القصة ذاتها: لم يعد بامكاننا الصمود اكثر. الاعتداء والسرقة والاقتحام وتهديد الاولاد والحوامات والتراكتورات الصغيرة والحواجز، كل ذلك كان بدعم من الجيش. يقوم المستوطنون بالاعتداءات لاشباع رغباتهم، ويقوم الجنود بحراستهم. الجيش الإسرائيلي لا يمكنه أبدا ادعاء البراءة والقول بأن جنوده غير متورطين في عملية التطهير العرقي الجارية.
ليس صدفة أنهم جميعهم ابناء تجمعات رعاة بدو. هذا هو المشروع الرائد للتهجير الكبير. هذه مجموعة تجريبية قبل النكبة 2، التي تبلورت في عقول إسرائيليين أكثر مما نتخيل كـ “حل نهائي” لـ “القضية الفلسطينية”. واذا كان هذا المصطلح يظهر كأنه مثير للقشعريرة فهو حقا هكذا.
احتار المستوطنون تجمعات الرعاة كمشروع رائد لأنهم في أسفل سلسلة الغذاء الفلسطينية، الاضعف، الذين لا يوجد من يحميهم. لا يوجد لديهم من يتوجهون اليه، سواء شرطة أو جيش أو سلطة. هم لم يقيموا لانفسهم في أي يوم قوة مقاومة مهما كانت ضعيفة مثلما في مخيمات اللاجئين. كل عالمهم هو رعي الاغنام وصراع البقاء الصعب من اجل جلب المياه وزراعة القمح والدفء في الشتاء وارسال اولادهم الى المدرسة البعيدة. لا أحد سيهب للدفاع عنهم، ولا أحد سيهتم بمصيرهم، باستثناء بعض الإسرائيليين المثاليين. المستوطنون هم ابطال عليهم، وعلى الناس الاضعف. هم يقومون بتجريب ادوات قبل الامر الحقيقي عليهم، لأنهم ضعفاء جدا.
لكن الامر الحقيقي اصبح موجودا هنا. قبل ذلك لم تحدث في أي يوم، خلال سنوات الاحتلال، عملية مغادرة لقرى بهذه الابعاد. صحيح أنه امام 3 ملايين من سكان الضفة فان الحديث يدور عن نقطة في البحر. ولكن هذه نقطة مسمومة، تبشر بما سيأتي. ومن اجل طرد الجميع نحن بحاجة الى حرب يأجوج ومأجوج. ومن اجل تطهير غور الاردن وجنوب جبل الخليل وقلب الضفة الغربية فانه تكفي المستوطنين بضع مئات من الزعران الذين سينغصون حياة السكان ويجعلونها بائسة جدا. هذه بداية للتطهير العرقي. انظروا، لقد تم تحذيركم.

عن “هآرتس”

About nbprs

Check Also

قيام حكومة وحدة يعني تجميد قرار بسط السيادة الإسرائيلية على المستوطنات 21/9/2019

بقلم: نداف شرغاي قد يجد نحو 470 الف مستوطن في «يهودا» و»السامرة» أنفسهم في الأسابيع …