شهدتْ الأسابيع الأخيرة، حركة تضامن عالميّة واسعة مع الشعب الفلسطيني في الذكرى السبعين للنكبة، ومناصرة لمسيرات العودة في قطاع غزّة واحتجاجًا على نقل السفارة الأميركيّة في إسرائيل للقدس المحتلّة. جزء كبير من هذه النشاطات؛ جاء لإحياء ذكرى النكبة، وجزء آخر كان احتجاجيا على القتل والقمع الإسرائيلي الوحشي للمتظاهرين السلميين في مسيرات العودة في قطاع غزّة.
ولم تقتصر النشاطات والمبادرات المناصِرة لفلسطين على المظاهرات، إذ أخذت أشكالًا متعددة نستعرض قسما كبيرا منها خلال هذا التقرير؛
مقاطعة نيكي هيلي
تعرضت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، نيكي هيلي، يوم الثلاثاء الماضي، لمقاطعة احتجاجيّة خلال إلقائها خطابًا في جامعة هيوستن، حيث واجهها مجموعة طلاب بمواقفها بشأن انحيازها لإسرائيل جراء قتل المتظاهرين في غزة وموقفها من الشعب الفلسطيني عمومًا. وبمجرد أن بدأت هيلي التحدث وقالت: “أنا هنا بعد بضعة أسابيع مشغولة جدًا في السياسة الخارجيّة الأميركيّة”، قاطعها أحد المتظاهرين وصاح بأعلى صوته: “نيكي هيلي، الدم يلطخ يديكِ، أنت تواصلين الموافقة على الإبادة الجماعية لشعب كامل، أنتِ شريكة للإرهابيين والمستعمرين”.
وبعد ذلك، وقف العشرات من المتظاهرين وهتفوا في القاعة، رافعين الأعلام الفلسطينية “نيكي نيكي ألا ترين؟ أنتِ تشرعين في حملة قتل” وهتف آخرون: “نيكي هيلي لا يمكنك الاختباء، لقد وافقت على الإبادة الجماعيّة” كما هتفوا الحريّة لفلسطين قبل أن ياتي رجال الأمن ويخرجوهم من القاعة.
وأصدر تجمع “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” بجامعة هيوستن، وهي مجموعة طلابية معادية للصهيونيّة ومؤيدة لفلسطين ولها فروع في الكليات والجامعات بالولايات المتحدة وعدة بلدان أخرى، بيانًا، الإثنين الماضي، انتقدوا فيه المسؤولة الأميركيّة التي عيّنها دونالد ترامب بسبب ما وصفوه بـ “أعمالها الحاقدة قبل وأثناء فترة عملها كسفيرة لدى الأمم المتحدة، ولتمييزها الصارخ ضد الفلسطينيين وتجاهل الظلم في جميع أنحاء العالم”. وأشار البيان إلى أن هيلي “عملت بلا هوادة لمنع تحقيق لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة بجرائم إسرائيل في غزة، وأن لها تاريخًا طويلًا والتزامًا بإسكات أصوات أولئك الذين عارضوا أعمال إسرائيل الوحشية ضد الفلسطينيين”.
مسيرة العودة في التايم سكوير
خرجت مسيرة ضخمة في ميدان التايم سكوير في مدينة نيويرك يوم الثلاثاء الماضي، التحامًا مع مسيرات العودة واحتجاجًا على نقل السفارة الأميركيّة للقدس المحتلّة، شارك فيها المئات من الأميركيين بتنظيمٍ من حركة “نيويورك من أجل فلسطين” NY for Palestine، وهو تحالف واسع من الحركات والمؤسسات الأميركيّة الناشطة والداعمة للقضيّة الفلسطينيّة في الولايات المتحدة.
وكان لافتًا الحضور الكشميري في المظاهرة، الذين يتماثلون مع نضال الشعب الفلسطيني في ظل ما تقوم به الحكومة الهنديّة التي تربطها علاقات ممتازة مع إسرائيل في السنوات الأخيرة، تجاه الكشميريين من ممارسات شبَّهتها الناشطة حفصة كنجوال، التي تحدثت خلال المظاهرة، بـ”ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
يُذكر أيضًا أن قبل هذه المظاهرة بأيام، شهد ميدان التايم سكوير مظاهرة أخرى مناصرة للشعب الفلسطيني شارك فيها المئات.
حياة السود والفلسطينيين مهمّة
وأصدرت حركة “حياة السود مهمة” Black Lives Matter بيانًا أعلنت فيه تأييدها المقاومة الفلسطينيّة ووقوف الحركة إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني، وجاء في بيان الحركة التي تأسست عام 2013 في أعقاب عمليات العنف الممنهجة ضد المواطنين الأميركيين أصحاب البشرة السمراء من قبل الشرطة الأميركيّة: “تقف حركتنا مع الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة، التي كانت تمارس المقاومة على حدود غزة. عندما شاهدنا الهجمات الوحشيّة على هؤلاء النشطاء الشجعان التي استمرت خلال وبعد افتتاح السفارة الأميركية في القدس، تذكرنا بشكل مؤلم بما يحدث عندما يقرر السود، هنا في الولايات المتحدة، المقاومة. نحن نعلم أن حكومة الولايات المتحدة ترسل نفس الأسلحة إلى تل أبيب كالتي ترسلها إلى فيرغسون ومئات المدن الأخرى في جميع أنحاء البلاد، نحن نعلم أن ضباط الشرطة في الولايات المتحدة يتعلمون أساليب الحرب من قوات الشرطة الإسرائيليّة، الذين يأتون سنويًا لتدريب الضباط الأميركيين على أساليب القمع والمراقبة والقتل، ونفهم أننا مرتبطون بالشعب الفلسطيني بمطلبنا المشترك للاعتراف والعدالة وتاريخنا الطويل في النزوح والتمييز والعنف”.
كما خرج مناصرو حركة “يهود من أجل السلام” الأميركيّة قبل أسبوع في مدينة شيكاغو، وقفة احتجاجيّة أمام مكتب عضور الكونغرس الأميركي جانيس دانوف شاكوفسكي Janice Danoff Schakowsky، ممثلة الحزب الديمقراطي عن ولاية إلانوي، كي تخرج عن صمتها وتدين القتل الحاصل للمتظاهرين في غزّة، كما أطلقوا عريضة مفتوحة للتوقيع من أجل ذلك.
يُذكر أيضًا في هذا السياق، أن شاكوفسكي أصدرتْ بيانًا بعد أيّام من هذه الوقفة تطالب فيه رئيس الحكومة الإسرائيليّة بعدم هدم قرية سوسيا الفلسطينيّة وغيرها من التجمّعات الفلسطينيّة في الضفة الغربيّة في ظل استمرار الاستيطان الإسرائيلي، الأمر الذي يقوض فرص السلام وحل الدولتين ما يهدد مستقبل “إسرائيل كدولة ديمقراطيّة ويهوديّة”، على حد تعبيرها.
يُذكر أيضًا أن مدينة شيكاغو شهدت مظاهرة في ذكرى النكبة، شارك فيها المئات من الفلسطينيين والعرب والأميركيين، طالبوا خلالها بتحقيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.وشهت مدينة فلياديلفيا احتجاجا أمام مركز كيميل الموسيقي، بسبب عزم المركز تنظيم عرض للأوركسترا في إسرائيل قريبًا، حيث تجمّع العشرات من الناشطين أمام المركز واستلقوا على الأرض وهم يحملون أسماء وصور الشهداء من مسيرات العودة في غزّة.
كاريكاتيرات صحفيّة في فرنسا وبلجيكا وألمانيا
نشرت صحيفة ليبراسيون الفرنسيّة كاريكاتيرًا حول مسيرات العودة، علّقت من خلاله على الأحداث الجارية بطريقة جريئة. ويظهر في الكاريكاتير أن جيش الاحتلال يطلب من المتظاهرين الفلسطينيين أن يعودوا إلى ديارهم، فيرد المتظاهرون أن هذا ما يحاولون فعله، ويقصدون هنا العودة إلى ديارهم التي هجروا منها في النكبة عام 1948 حيث أصبحوا بعدها لاجئين في مخيمات قطاع غزة. ويظهر في الكاريكاتير استخدام جيش الاحتلال للدبابات في مواجهة متظاهرين يلقون الحجارة.
وفي كاريكاتير آخر لصحيفة “ميترو” البلجيكيّة التي تصدر باللغتين الألمانيّة والفرنسيّة، أظهر الرسم أن افتتاح السفارة الأميركيّة في القدس بحضور جارد كوشنير وإيفنكا ترامب، كان مفروشًا بدماء الفلسطينيين في غزّة.
وفي ألمانيا، قام رسام الكاريكاتير برسم رئيس الحكومة الإسرائيليّة نتنياهو كشخصية تشبه المغنيّة الإسرائيليّة نيطع برزلاي التي فازت باليورفجن، وهو يحمل صاروخًا. الرسمة هذه تسببت لصاحبها بطرده من عمله من صحيفة “زود دويتشه” بعد اتهامه بمعادة السامية، وهي تهمة تُلاحق المنتقدين لإسرائيل عادة في ألمانيا.
وقفة لجماهير السيلتك في الدقيقة السبعين
وقف مشجعو فريق كرة القدم الأسكتلندي الشهير “سيلتك” يوم الثلاثاء، خلال مبارة لفريقهم، في الدقيقة السبعين تضامنًا مع الشعب الفلسطيني في الذكرى السبعين للنكبة. ورفعوا الأعلام الفلسطينيّة مع شعارات تقول “سيلتك تقف مع فلسطين.. أوقفوا الإبادة الجماعيّة.. أوقفوا الصهيونيّة”. يذكر أن هذه ليست المرّة الأولى التي يتضامنُ فيها جمهور الفريق الأسكتلندي مع الفلسطينيين، إذ حصل ذلك خلال مباريات عدة، متحدّين المخالفات التي قد تُفرض على الفريق بسبب هذا النشاط السياسي.
في هولندا: ساتيرا سوداء ضد الفوز الإسرائيلي باليوروفجن
في محاكاة ساخرة لأغنية “لعبة” التي فازت فيها المغنيّة الإسرائيليّة نيطع برزلاي مؤخرًا في مسابقة اليورفجن، قدّم البرنامج الكوميدي “سان والس دي فرس” Sanne Wallis de Vries’s show على إحدى القنوات الهولنديّة أغنيّة على نفس اللحن لكن بكلمات أخرى تحاكي قمع واضطهاد إسرائيل للشعب الفلسطيني وتهاجم إسرائيل بشدّة، خصوصًا في ظل الأحداث الأخيرة في غزّة، ما دفع السفارة الإسرائيليّة في هولندا ومنظمات يهوديّة بتقديم رسالة احتجاجيّة للقناة الهولنديّة تدّعي فيها أن الأغنية معادية لإسرائيل.
أثارت الأغنية جدلًا واسعًا خصوصًا في ظل الدعوات الأوروبيّة التي تطالب بمقاطعة مسابقة اليورفجن العام المقبل في القدس المحتلّة، فعلى سبيل المثال: صوّت 43% من متابعي قناة “أر تي أي” RTE الإيرلنديّة في استطلاع أجرته القناة حول الموضوع، مع مقاطعة المسابقة السنة القادمة، بينما اعترض 36% منهم.
يُذكر أيضًا أن نسخة إسرائيليّة احتجاجيّة أخرى من الأغنية انتشرت هذا الأسبوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “لا يوجد احتلال” تسخر من الإسرائيليين الذين يحتفلون بالأغنية ويتجاهلون أن دولة إسرائيل دولة احتلال وتقتل الغزيين.
من أستراليا إلى فلسطين: الاستعمار جريمة
خرجت مسيرة ضخمة يوم الأحد الماضي، في مدينة ملبرون الأستراليّة شارك فيها الآلاف في ذكرى النكبة، ورفعوا شعارات تنادي بحرية فلسطين منها ما يربط ما بين الاستعمار الذي شهدته أستراليا من قِبَل المستعمر الأبيض في السابق وما تتعرض له فلسطين اليوم منها “من أستراليا إلى فلسطين.. الاستعمار جريمة”.
في لندن يطالبون بحق العودة وفي مانشستر بوقف دعم الاحتلال
وفي مدينة لندن، خرج نشطاء يوم أمس إلى محطّة شارع ليفربول في نشاط يطالب بتحقيق حق العودة للفلسطينيين وتطبيق قرار الأمم المتحدة 194، كما رفعوا خلال وقفتهم مفتايح ترمز إلى مفاتيح العودة.
يُذكر أيضًا أن قرابة 30 عضوا من البرلمان البريطاني قد تجمّعوا في ذكرى النكبة يوم 15 أيّار، في وقفة خارج البرلمان لإعلان تأييدهم لمسيرات العودة في غزّة والعدالة للفلسطينيين.
وفي مدينة مانشستر البريطانيّة غرب إنجلترا، واصل نشطاء بريطانيون وفلسطينيون بالخروج بشكل أسبوعي كل يوم سبت؛ للتظاهر أمام بنك HSBC بسبب تمويله لشركات تُصدّر الأسلحة إلى إسرائيل. ويتّهم المحتجّون البنك البريطاني بالمساهمة في دعم نظام الاحتلال والفصل العنصري من خلال هذه الاستثمارات.
إضافة إلى الوقفات المستمرة أمام البنك، تظاهر أيضا العديد من النشطاء أمام شركات ومصانع بريطانيّة مُساهِمة في تزويد السلاح إلى إسرائيل، وفي بعض الأحيان اقتحموا مكاتبها واحتلّوها. كما شهدت جامعة مانشستر 4 نشاطات طلابيّة في يوم واحد في ذكرى النكبة، كان منها مظاهرة أغلقت الشارع الرئيسي أمام الجامعة.
مظاهرتان في تولوز خلال أسبوع
في مدينة تلولز الفرنسيّة، خرج المئات أول أمس، في مظاهرة جابت دعت لها قوى يساريّة جابت شوارع المدينة في ذكرى النكبة الفلسطينيّة، كما برز خلال المظاهرة، رفع صور المناضل اللبناني جورج عبد الله، المعتقل في السجون الفرنسيّة، وطالبوا بإطلاق سراحه.
يُذكر أيضًا أن هذه المظاهرة الثانية خلال أسبوع التي تقام في تولوز تضامنًا مع الشعب الفلسطيني، حيث شهدت المدينة مظاهرة سابقة لقوى اليسار أيضًا قبل أسبوع.
وخرجت مظاهرات في عدّة عواصم ومدن أوروبيّة في ذكرى النكبة، شارك فيها لفيف من المتضامنين الأوروبيين واللاجئين والمقيمين الفلسطينيين والعرب، استطاعت أن ترفع صوت المتظاهرين في غزّة وقضية اللاجئين الفلسطينيين. من هذه المدن كانت برلين، وفيينا وفلورنسا.
وفي مدينة تورنتو، خرج العديد من النشطاء في وقفة احتجاجيّة أمام مكتب وزيرة الخارجية الكنديّة كريستوريا فريلاند Chrystia Freeland’s، يطالبون فيها بإدانة العدوان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في غزّة الذين يُقتلون بنيران القناصة الإسرائيليّة على الحدود. ومن ثم انطلق المشاركون في مظاهرة جابتْ شوارع المدينة هاتفين لحريّة فلسطين من الاحتلال.
حملة تبرعات طبيّة عالميّة
ومن المبادرات البارزة أيضًا خلال هذا الشهر، والتي لاقت رواجًا عالميًا كبيرًا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كانت حملة جمع التبرعات لمؤسسة “نداء الطوارئ في غزّة” Gaza Emergency Appeal، وهي مؤسسة تعمل على تقديم المساعدات الطبيّة العاجلة للفلطسنيين في قطاع غزّة، خصوصًا في ظل العدد المرتفع للمصابين في مسيرات العودة الذي بلغ أكثر من 10 آلاف مصاب، ما أدى إلى نقصان كبير للعديد من المواد الطبيّة.
واستطاعت الحملة حتّى الآن جمع أكثر من مليون و100 ألف يورو خلال الأسابيع الأخيرة، عبر تبرعات من جميع أنحاء العالم.
أسطول العودة في طريقه لكسر حصار غزّة
انطلقت من ميناء العاصمة الدنماركية كوبنهاغن قبل أيّام، سفن كسر الحصار التي ينظمها تحالف أسطول الحرية الدولي.
وأوضحت اللجنة الدوليّة لكسر الحصار عن غزة، في بيان لها عُمم على وسائل الإعلام، أن السفن ستبحر تحت شعار “الحق في مستقبل عادل لفلسطين”، في المحيط الأطلسي، ومن ثم عبر البحر الأبيض المتوسط في رحلة تستغرق شهرين. وستتوقف السفن خلال الرحلة في العديد من الموانئ الأوروبية، حيث تقام الفعاليات التضامنيّة مع قطاع غزة والشعب الفلسطيني.
وأشارت إلى أن تحالف أسطول الحرية، يتكون من عدد من المنظمات التضامنية من؛ أميركا، وكندا، وجنوب أفريقيا، وماليزيا، والسويد، والنرويج، وإسبانيا، وإيطاليا وفرنسا بالإضافة إلى منظمة IHH التركية واللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة؛ التي يغطي نشاطها دول العالم العربي والإسلامي والعديد من دول العالم الغربي.
وذكرت اللجنة، أن السفن تحمل على متنها عددا من النشطاء الدوليين الذي يسعون إلى كسر الحصار عن قطاع غزة، موضحة أنه “تم إطلاق اسم “العودة” على أكبر تلك السفن واسم “الحرية” على السفينة الثانية ، بينما أطلق اسم “فلسطين” و “ماريد” على القاربين الشراعيين اللذان يرافقانهما في جزء كبير من الرحلة”.
كما شهدت العديد من المدن حول العالم نشاطات أخرى منها فنيّة وندوات وأمسيات خاصّة لأجل فلسطين.
عن
عرب ٤٨/ ربيع عيد